موضع التطهير وما يرتفع به من النجاسة وكيفيّته وشروطه وآدابه فتبقى مستفادة من الخارج ؛ لكون تلك الأدلّة ساكتة عن التعرّض لها نفيا وإثباتا ، وورودها مورد حكم آخر ، فلو شكّ حينئذ في شيء أنّه هل يقبل التطهير بالماء كالأدهان المتنجّسة؟ أو في نجاسة أنّها هل ترتفع بالماء وحده كولوغ الكلب؟ أو في تطهير نجاسة أنّه هل يعتبر فيه التعدّد كالبول؟ أو يعتبر فيه النيّة أو إباحة الماء أو المباشرة؟ كغسل الثوب للصلاة ، فلا يمكن التمسّك لاستعلامه بالآية ولا غيرها عموما ولا إطلاقا ، إذ لم يؤخذ شيء ممّا ذكر عنوانا فيها ، فلا يعقل معه بالنسبة إليه حينئذ عموم أو إطلاق ، وإنّما الّذي عنون في صريح تلك الأدلّة هو حكم المطهّريّة القائمة بالماء ، والعموم بالقياس إليه ثابت ، فحينئذ لو شكّ في فرد من أفراده بعد إحراز الفرديّة وصدق الاسم عليه أنّه هل يصلح لكونه مطهّرا ورافعا للخبث أو الحدث ـ كالماء المستعمل في رفع الحدث من وضوء أو غسل ، أو في رفع الخبث كما في الاستنجاء على القول بعدم انفعاله ، كما هو المجمع عليه بشروطه الآتية ـ يحكم بصلوحه له ، استنادا إلى عموم الآية أو إطلاقها أو غيرها من الأدلّة المتقدّمة بلا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه.
فتقرّر عندنا بما أثبتناه من الحكمين قاعدتان كلّيّتان يجدي الرجوع إليهما في مواضع الشك والشبهة ، إحداهما : طهارة الماء بجميع أفراده عدا ما خرج منها بالدليل ، واخراهما : مطهّريّته كذلك إلّا ما أخرجه الدليل ، فليكن ذلك على ذكر منك ليجديك في كلّ موضع وجدتنا نتمسّك بالأصل على الطهارة أو المطهّريّة في شيء ، فإنّ مرادنا به إنّما هو إحدى القاعدتين.
* * *