التعرّض له ، وستعرف أنّ المشهور في تلك المسألة عدم كفاية ذلك ، بل لم يسند المخالفة إلّا إلى يحيى بن سعيد ، وجعله بعضهم لازما لقول كلّ من يقول بطهارة القليل المتنجّس بإتمامه كرّا ، مع ما فيه من المناقشة ومنع الملازمة كما ستعرفه.
فالّذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنّه لا قائل هنا بكفاية زوال التغيّر مطلقا أو مع تلبّسه بإلقاء الماء القليل ، والتفريع المذكور لعلّه اجتهاد من قائله من دون وقوع التصريح به في كلام الجماعة ، فيردّه حينئذ منع الملازمة بين مقامي الدفع والرفع ، وقضيّة العلّيّة على نحو ما ذكرناه أمر نظري عقلي ، وكون العلّة المبقية غير العلّة المحدثة على فرض افتقار الباقي في بقائه إلى العلّة احتمال قائم في المقام ، ومعه لا دافع لاستصحاب النجاسة كما لا رافع للنجاسة المستصحبة.
ويمكن أن يكون التفريع المذكور مبنيّا على توهّم امتناع كون الماء الواحد بعضه طاهرا لمكان عدم انفعال الجزء الغير المتغيّر وبعضه الآخر نجسا وهو الجزء المتغيّر ، ويردّه : إن كان ذلك لمجرّد العقل.
أوّلا : النقض بحالة التغيّر ، فإنّه لا يخرج الماء الواحد عن الوحدة.
وثانيا : أنّ جعل الجزء المتنجّس تابعا للجزء الطاهر في صيرورته طاهرا بمجرّد زوال التغيّر فرارا عن المحذور ، ليس بأولى من جعل الجزء الطاهر تابعا للجزء المتنجّس بمجرّد عروض التغيّر في صيرورته متنجّسا ، والاستصحاب كما أنّه يجري بالقياس إلى الجزء الطاهر كذلك يجري بالقياس إلى الجزء المتنجّس ، وشمول دلالة الشرع على عدم قبول القليل الانفعال بمجرّد الملاقاة بعد تسليمها لتلك الصورة غير معلوم ، لو قيل بأنّ شمول دليل علّيّة التغيّر للانفعال لما بعد زوال التغيّر غير معلوم.
وثالثا : منع امتناع تبعّض الماء في وصفي الطهارة والنجاسة عقلا ، إذ لا مانع منه من جهة العقل والشرع ، وعدم امتياز الجزءين في نظر الحسّ لا يقضي بعدم امتيازهما في علم الله سبحانه ، غاية الأمر أنّ الطهارة والنجاسة وصفان لا يجتمعان في محلّ واحد ، لكن مجرّد صدق الوحدة على الماءين في نظر العرف لا يستلزم وحدة محلّ الوصفين في متن الواقع وإن فرضناهما مختلطين بالامتزاج ، نظرا إلى أنّه لا يخرج الأجزاء المتواصلة عمّا هي عليها ذاتا ووصفا سيّما بناء على عدم تداخل الأجسام ، وإن أوجب