بالواحد ، وإلّا فكرّ آخر ، وهكذا إلى أن يزول التغيّر فيطهّر ، فاعتبار الزيادة إنّما هو حيث لم يزل التغيّر بدونها لا لتوقّف الطهر عليها.
نعم ، الكرّيّة معتبرة في الطهر مع التغيّر ومع عدمه عند أهل القول بانفعال القليل بالملاقاة بلا خلاف ، ووجهه واضح من حيث إنّ ما دونه ينفعل بمجرّد الملاقاة ، من غير فرق فيه عندهم بين ملاقاة النجس أو المتنجّس ، فكيف يصلح مطهّرا للغير ، وقد يدّعى عليه الوفاق على الإطلاق ، غير أنّه يشكل ذلك على مذهب العماني ومن تبعه ، بل عن فخر الإسلام في شرح الإرشاد (١) ما ينافي إطلاق هذه الدعوى ، حيث أنّه بعد حكاية هذا المذهب قال ـ في عبارة محكيّة عنه ـ : « ويتفرّع عليه أنّه لو تغيّر بعض أقلّ من الكرّ ثمّ زال التغيّر من قبل نفسه طهر عند العماني ومن وافقه ».
وقضيّة هذا التفريع أنّه لا يعتبر الكرّيّة في الرفع كما أنّه لا يعتبرها في الدفع ، فلو تغيّر ما دون الكرّ على هذا فالقي عليه طاهر أقلّ من الكرّ موجب لزوال تغيّره ، لزم انقلابه طاهرا.
ولعلّ وجه التفريع المذكور أنّ كلّ معلول يدور وجودا وعدما مع علّته ، فيرتفع بارتفاع العلّة ، وحيث أنّه لا تأثير لمجرّد الملاقاة عند أهل هذا المذهب فانحصر علّة النجاسة عندهم في التغيّر ، فإذا زال بغير الكرّ وجب زوال النجاسة أيضا ، وقضيّة ذلك حينئذ طهره أيضا بزوال التغيّر بنفسه من غير حاجة إلى إلقاء الماء الطاهر ولو قليلا ، وهو كما ترى في غاية البعد ، ولم يعهد القول بذلك عن أهل هذا القول.
نعم ، لغيرهم في مسألة الكرّ المتغيّر إذا زال تغيّره بنفسه أو بعلاج كلام يأتي
__________________
(١) لم نعثر عليه :
وفي هامش الأصل بخطّ مصنّفه رحمهالله :
« واعلم : أنّ في مطهّر القليل بإلقاء الكرّ يتصوّر أحوال كثيرة ، بعضها متّفق على كونه شرطا في التطهير وبعضها مختلف في شرطيّته وبعضها يتوهّم كونه شرطا.
أمّا القسم الأوّل : فكالكرّيّة وطهارته واستلزامه وزوال التغيّر وملاقاته المتنجّس.
وأمّا القسم الثاني : فكالدفعة والامتزاج وعلوّ المطهّر أو مساواته إن كان به قول محقّق في أصحابنا.
وأمّا القسم الثالث : فالعلوّ والمساواة على تقدير عدم القول به صريحا ، لأنّه ما يوهمه أكثر عناوينهم ـ على ما يأتي الإشارة إليه ـ وكورود المطهّر على المتنجّس على ما يوهمه عبارة الشيخ في الخلاف ويأتي ذكره ، وكالزيادة على الكرّيّة على ما يوهمه عبارة المحقّق الثاني فيما يأتي ، وكاستهلاك المتنجّس على ما يوهمه بعض استدلالاتهم المتضمّنة لهذا اللفظ وستعرفه » (منه).