مقتضيا للنقصان لما كانت الزيادة مجدية في رفع المحذور ، لأنّ ذلك الاقتضاء لا يستقيم إلّا مع سبق الجزء على الكلّ في الوصول إليه ، فلو فرض الإلقاء على نحو يستلزم سبق بعض الأجزاء على بعض في الوصول فهذا المعنى يتحقّق بالنسبة إلى ما يلحق الجزء الأوّل ، فإنّه أيضا سابق بالقياس إلى لاحقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى النقصان بل إلى آخر الأجزاء ، فيلزم أن لا يطهّر أبدا ولو بإلقاء كرور على هذا الوجه ، وهذا كما ترى.
مع أنّ اعتبارهم الدفعة وتقييدهم إيّاها بالعرفيّة في معنى اعتبار عدم سبق بعض أجزاء الكرّ على بعض آخر في الملاقاة إذا اريد بالسبق وجودا وعدما ما يكون عرفيّا ، فإنّ عدم السبق العرفي متحقّق مع الدفعة العرفيّة جزما ، وإذا اريد به ما يكون عقليّا فلا يتحقّق الشرط أبدا فيلزم محذور عدم حصول الطهر أبدا.
وممّا يرشد إلى ما ذكرناه آنفا ـ من أنّ الاتّصال بالمعنى الّذي اكتفينا به بالنسبة إلى الغديرين أو الحوضين المتواصلين داخل في الدفعة المشترطة ما في منتهى العلّامة من تقييد العنوان بالدفعة (١) ، مع ما عرفت منه من التصريح بكفاية الاتّصال الموجود في الغديرين المتواصلين (٢) ، ولا ينبغي أن يكون مراده بالدفعة هنا مجرّد الاتّصال بين أجزاء الكرّ احترازا عمّا يلقى متفرّقة الأجزاء كما فهمه ثاني الشهيدين ـ فيما حكي عنه في شرح الدروس ـ (٣) لأنّ ذلك مناف لما سمعت عنه في دفع كلام الشيخ في المبسوط (٤) وما حكي عنه في التذكرة (٥) فراجع وتأمّل.
ثمّ إنّ لصاحب المعالم رحمهالله تفصيلا في المقام ، محكيّا عنه في كلام غير واحد من الأعلام ، قائلا في معالمه : « والتحقيق في ذلك أنّه لا يخلو إمّا أن يعتبر في عدم انفعال مقدار الكرّ استواء سطحه أو لا ، وعلى الثاني إمّا أن يشترط في التطهير حصول الامتزاج أو لا ، وعلى تقدير عدم الاشتراط إمّا أن يكون حصول النجاسة عن مجرّد الملاقاة أو مع التغيّر ، فهاهنا صور أربع :
الاولى : أن يعتبر في عدم انفعال الكرّ استواء السطح ، والمتّجه حينئذ اشتراط الدفعة في الإلقاء ، لأنّ وقوعه تدريجا يقتضي خروجه عن المساواة فينفعل الأجزاء الّتي
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٦٤.
(٢) منتهى المطلب ١ : ٥٤.
(٣) مشارق الشموس : ١٩٣.
(٤) منتهى المطلب ١ : ٦٥ ، المبسوط ١ : ٧.
(٥) التذكرة ١ : ٢٣.