تسامحا لأنّ وصول أوّل جزء منه إلى النجس يقتضي نقصانه عن الكرّ ، فلا يطهّر حينئذ ولورود النصّ بالدفعة ، وتصريح الأصحاب بها » (١).
فإنّ وجه الاعتراض إن كان أنّه أهمل الدفعة بالمرّة ولم يعتبرها ، ففيه : أنّ الاتّصال الّذي صرّح به أحد معاني الدفعة.
وإن كان أنّه لم يعتبر الزيادة على الكرّ في مقام التطهير لئلّا يخرج عند الاتّصال عن الكرّيّة.
ففيه : منع خروجه عنها باتّصال أوّل جزء منه بالماء المتنجّس ، لأنّ مجرّد اتّصاله به بواسطة هذا الجزء يوجب تحقّق الوحدة فيما بينهما الّتي هي مناط حكم التطهير وموضوع الملازمة المتقدّمة المجمع عليها ، فإنّ في آن الاتّصال يحصل الوحدة ويقارنها طهره عند ذلك بلا تراخي زمان.
ولا ينافيه كون الوحدة شرطا مأخوذا في موضوع الملازمة فلا بدّ من تقدّمها على الطهر ، ضرورة تقدّم الشرط على مشروطه فكيف يقارنها الطهر في آن واحد ، لأنّ أقصى ما يقتضيه عنوان الشرطيّة ـ كما هو الحال في سائر المقدّمات ـ إنّما هو التقدّم بحسب الذات وهو حاصل في المقام ، ولا ينافيه المقارنة بحسب الزمان ، فلا [وجه] (٢) للاعتراض المذكور في شيء من الاحتمالين.
إلّا أن يقال : بأنّ المقصود منه هو الاحتمال الأوّل ، لكن وجهها : أنّ الاتّصال بمعنى الدفعة بالمعنى المذكور ليست من الدفعة الّتي هي المقصودة في المقام اللازم اعتبارها ، لشموله ما لو دخل فيه الكرّ الواحد على سبيل التدريج والمفروض أنّه غير كاف على التحقيق ، فحينئذ كانت الاعتراض بنفسه متّجها غير أنّ صدر العبارة تأبى عن إرادة هذا المعنى ؛ وإنّما هو ظاهر في دعوى اعتبار الزيادة على الكرّ ، إلّا أن يقال أيضا : إنّ العبارة صدرا وذيلا تتضمّن دعوى اعتبار أمرين :
أحدهما : الزيادة على الكرّ ، وقد أشار إليه بصدر العبارة.
وثانيهما : الدفعة بالمعنى المبحوث عنه ، فأشار إليه بدعوى ورود النصّ والتصريح.
لكن يرد عليه في اعتبار الأمر الأوّل : أنّ مجرّد وصول الجزء إلى النجس لو كان
__________________
(١) جامع المقاصد ١ : ١٣٣.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.