الممازجة في ذلك الموضوع وعدمها ، وأصالة عدم الشرطيّة تتعرّض له وتوجب عدم المدخليّة ، فإذا ثبت به المطهّر الرافع للنجاسة ثبوتا شرعيّا وصادف الماء المتنجّس فقد أوجب ارتفاع الشكّ في الطهارة ارتفاعا شرعيّا ومعه لا وجه للاستصحاب أيضا.
وتوضيح المقام : أنّ الأصل المقتضي للنجاسة ممّا لا معنى له إلّا استصحاب النجاسة المستند إلى عموم قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين إلّا بيقين مثله » (١) المقتضي لوجوب إجراء حكم النجاسة هنا إلى أن تتحقّق رافع يقيني ، وهذا الأصل ممّا لا إشكال في كبراه ؛ ولكنّ الكلام في صغراه حيث إنّ أصالة عدم الشرطيّة ـ فيما لا يبيّنه إلّا الشرع ولم يبيّنه في مفروض المقام بعد ما بيّن أصل الرافع في الجملة ، وهو الكرّ الملقى دفعة محصّلة للوحدة بينه وبين ما يلقى عليه ـ أصل يقيني أو ظنّي بالظنّ الخاصّ القائم مقام اليقين ، ناف لاحتمال شرطيّة الامتزاج مقتض لكون ما ذكر هو الرافع اليقيني ، أو القائم مقام الرافع اليقيني المأخوذ غاية لحكم الاستصحاب المقتضي للنجاسة ، وقضيّة ذلك كون المقام مندرجا تحت تلك الغاية ـ نظير ما لو ورد نصّ خاصّ بعدم شرطيّة الامتزاج قطعي أو ظنّي معتبر ـ ، لا أنّه مندرج في المغيّى ومعه لا معنى للاستصحاب بعد فرض كونه مغيّا بغاية حاصلة [حتّى] (٢)
وبالجملة : أصالة عدم الشرطيّة ممّا لا مدفع له إلّا منع صغراه ، بأن يقال : أصل معلّق على عدم وصول البيان واستصحاب النجاسة ـ حسبما فرضه الخصم ـ كاف في وصوله هنا ، أو منع كبراه بأن يقال : إنّ هذا الأصل ممّا لا مدرك له بالنسبة إلى القضايا الوضعيّة الّتي منها المقام ، إذ غاية ما قام عليه الدليل من الشرع قطعا أو ظنّا خاصّا إنّما هو أصل البراءة الغير الجارية إلّا في القضايا التكليفيّة ، نظرا إلى أنّ الأدلّة المقامة عليها منها ما هو مقيّد بالعلم الّذي هو موضوع للتكليف ، دون الموضوع الّذي هو أمر واقعي لا يدخل فيه العلم شطرا ولا شرطا إلّا في موضوع قام على جزئيّته الدليل ، كما في النجاسة فيما يحكم عليه بالنجاسة بناء على ما تقدّم تحقيقه من أنّ أحكام النجاسة مرتّبة في نظر الشارع على العلم بها الّذي يقوم مقامه الاستصحاب.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ ب ١ من أبواب نواقض الوضوء ح ١ ـ وفيه : « لا تنقض اليقين أبدا بالشكّ وانّما تنقضه بيقين آخر ».
(٢) كذا في الأصل.