ومحصّل ما أفاده رحمهالله أنّه وافق السيّد والشيخ في القدح في سند النبويّة المرسلة ، فأشار إليه بقوله : « ونقلوا رواية عن الجمهور أيضا متضمّنة لذكر اللون ولا يصلح أيضا للتعويل » ، وخالفهما في استظهار الحكم ممّا ذكره أخيرا ، وحذا حذوه صاحب الحدائق وإن خالفه في الاستناد للحكم إلى جملة من أخبار أصحابنا ، فإنّه بعد ما نقل كلام السيّد المتقدّم في القدح على سند الرواية المتقدّمة ، قال : « والحقّ أنّه كذلك ، فإنّا لم نقف عليه في شيء من كتب أخبارنا بعد الفحص التامّ ، وبذلك صرّح أيضا جمع ممّن تقدّمنا » (١).
وبالجملة : فهؤلاء الأجلّاء متّفقون على القدح في الرواية المذكورة وإن اختلفوا في المذهب ، فالأخيران وافقا المعظم في أصل الحكم ، غير أنّ الأوّل منهما قال به على سبيل الظنّ ، والثاني على سبيل الجزم كما لا يخفى على من لاحظ عبارته في الحدائق ، وأمّا الأوّلان فظاهر هما إنكار أصل الحكم.
ويمكن أن يقال : بأنّ السيّد لا يظهر منه المخالفة بناء على ما ادّعاه من الأولويّة ، وإن كان ما قرّره من الملازمة يدعوه إلى المخالفة ، وكيف كان فقد تقرّر بجميع ما ذكر أنّ هاهنا كلامين :
أحدهما : دعوى الملازمة بين تغيّر اللون وغيره ، وبعدها دعوى الأولويّة اللتين عرفتهما من السيّد ، ووافقه شيخنا البهائي على الاولى ، وإليهما ينظر ما في الحدائق من قوله : « ولعلّ السرّ في اشتمال أكثر الأخبار على التغيّر الطعمي أو الريحي دون اللوني أنّ تغيّر الطعم والريح أسرع من تغيّر اللون ، إذ لا ينفكّ تغيّر اللون من تغيّرهما ، ولا ثمرة في التعرّض له حينئذ » (٢).
وثانيهما : الطعن على سند النبوي المشار إليه ، وينبغي النظر في صحّة هذين الكلامين وسقمهما.
أمّا الملازمة : فغاية ما يمكن أن يقال في تقريرها ـ على وجه يكون عذرا لخلوّ الأخبار أو أكثرها عن التعرّض لذكر تغيّر اللون ـ : أنّ تغيّر اللون بالقياس إلى أخويه بمنزلة الخاصّ في مقابلة العامّ ، فبينه وبينهما عموم وخصوص مطلق ولكن من حيث
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ١٨٠.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ١٨١.