وفي الحدائق : « صرّح جمع من الأصحاب بأنّ القول بطهارة المتغيّر بزوال التغيّر لازم لكلّ من قال بالطهارة بالإتمام » (١) ، ونقل دعوى هذه الملازمة عن المحقّق في المعتبر (٢) أيضا.
ولعلّها مبنيّة على توهّم رجوع القول بالطهارة بالإتمام إلى دعوى منافاة عنوان الكرّيّة لوصف النجاسة ، وهو ممّا لا ينافيه أكثر أدلّة هذا القول ، بل بعضها ـ إن تمّ ـ متناول للمقام كالرواية المتقدّمة مع عمومات الطهارة والمطهّريّة ، ولا ينافيه كون التغيّر عند أصحاب هذا القول مقتضيا للنجاسة حتّى مع عنوان الكرّيّة ، لأنّ أقصى ما يلزم من ذلك التزامهم بتقييد العنوان بغير صورة التغيّر أو تخصيص تلك الصورة عن العامّ.
ولا يقدح فيه القول بالطهارة بعد زوال التغيّر ، لأنّ ذلك تخصيص في بعض الأحوال وهو لا يقضي بتخصيص الفرد في جميع الأحوال ، فالمخرج عن العموم هو حالة التغيّر دون الفرد المتغيّر حتّى لا يمكن دخوله فيه بعد الخروج ، وقضيّة ذلك شمول حكم العامّ له بعد ارتفاع الحالة المذكورة نظرا إلى وجود المقتضي وارتفاع المانع.
ولكن يضعّف دعوى الملازمة بمصير بعض أهل القول بالطهارة في مسألة الإتمام إلى عدمها في مسألة زوال التغيّر كالحلّي (٣) ـ على ما حكي ـ وذهاب بعض القائلين بعدم الطهارة ثمّة إليها هنا ، مستدلّا : بأنّ الأصل في الماء الطهارة ، والحكم بالنجاسة للتغيّر ، فإذا زالت العلّة انتفى المعلول كما حكاه في المدارك (٤) ، وكيف كان فعمدة ما احتجّ به للقول بالطهارة هو الوجه المذكور.
واجيب عنه : بأنّ المعلول هو حدوث النجاسة لا بقاؤها ، وقد تقرّر في الاصول أنّ
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٤٦.
(٢) المعتبر : ٩ حيث قال : « الثاني : طريق تطهير المتغيّر إن كان جاريا ... وإن كان واقعا فبأن يطرأ عليه من الماء الطاهر المطلق ما يرفع تغيّره ... ولو تمّم كرّا فزال معه لم يطهر ويجيء على قول من يطهّر النجس ببلوغه كرّا أن يقول بالطهارة هنا ».
(٣) السرائر ١ : ٦٢ حيث قال : « وإن ارتفع التغيّر عنه من قبل نفسه ، أو بتراب يحصل فيه ، أو بالرياح الّتي تصفقها ... لم يحكم بطهارته الخ ».
وقال في مسألة إتمام القليل كرّا : « والطريق إلى تطهير هذا الماء أن يزاد زيادة تبلغه الكرّ أو أكثر منه ... الخ » ١ : ٦٣.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ٤٦.