الاستصحاب بالمعنى المعروف؟
ومرجع الشبهة الاولى إلى أنّ المستفاد من أدلّة التغيّر هل هو علّيّة حدوث التغيّر فقط أو علّيّة حدوثه وبقائه معا ، كما أنّ مرجع الشبهة الثانية إلى أنّ الأدلّة الدالّة على علّيّة حدوث التغيّر فقط هل هي بالقياس إلى ما بعد التغيّر دالّة على ثبوت الحكم أيضا إلى أن يقوم له رافع يقيني فيكون المقام من مجاري استصحاب حكم الإطلاق المتّفق على حجيّته ، أو ساكتة عنه نفيا وإثباتا ، فيكون المقام من مجاري الاستصحاب بالمعنى المعروف المختلف في حجّيّته؟
ونحن قد تخلّصنا عن الشبهة الاولى بدعوى ظهور الأخبار الواردة في الباب في علّيّة الحدوث فقط من غير تعرّض فيها لجهة البقاء ، وإن شئت لاحظ ما في النبوي من قوله : « إلّا ما غيّر لونه » (١) أي أحدث فيه تغيّر اللون ، وما في خبري دعائم الإسلام من قوله : « ما لم يتغيّر أوصافه » (٢) كما في أوّلهما ، أي ما لم يحدث فيه تغيّر الأوصاف.
وقوله : « فإن كان قد تغيّر لذلك طعمه » (٣) كما في ثانيهما ، أي حدث فيه تغيّر الطعم.
وما في المرويّ عن الفقه الرضوي من قوله : « إلّا أن يكون فيه الجيف فتغيّر لونه » (٤) أي حدث به تغيّر اللون.
وما في المرسل المروي في المختلف من قوله : « إذا غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه ، وإن لم يغلب عليه فاشرب منه » (٥) أي حدث فيه غلبة الرائحة ولم يحدث الغلبة ، وما في خبر بصائر الدرجات من قوله : « إلّا أن يغلب الماء الريح فينتن » (٦) أي يحدث غلبة الريح على الماء فيحدث من جهة النتن في الماء.
وعلى هذا القياس ما في خبر العلاء من قوله : « لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول » (٧) ، وخبر أبي خالد القمّاط من قوله : « إن كان الماء قد تغيّر ريحه » (٨) ، وخبر
__________________
(١) رواه في المعتبر مرسلا عن الجمهور ، لاحظ المعتبر : ٨ ـ الوسائل ١ : ١٣٥ ب ١ من أبواب الماء المطلق ح ٩.
(٢ و ٣) دعائم الإسلام ١ : ١١١ و ١١٢.
(٤) فقه الرضا عليهالسلام : ٩١.
(٥) مختلف الشيعة ١ : ١٧٨.
(٦) بصائر الدرجات : ٢٣٨ / ١٣ ـ الوسائل ١ : ١٦١ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١١.
(٧ و ٨) الوسائل ١ : ١٣٩ و ١٣٨ ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ٧ و ٤.