وله في بحث الواقف القليل من الدروس كلام ربّما يتوهّم كونه مدافعا للعبارة المذكورة ، حيث قال : « ولو اتّصل الواقف بالجاري اتّحدا مع مساواة سطحيهما ، أو كون الجاري أعلى لا العكس » (١).
ويمكن دفع توهّم المدافعة بإبداء الفرق بين المقامين ، حيث إنّ المعتبر في محلّ البحث ـ وهو مقام الرفع عن ماء البئر ـ صيرورة الماءين واحدا بأن يخرج المجموع عن مسمّى البئر ليزول عنه الحكم المخصوص بها وهو النزح ، ولا ريب أنّه لا يكفي فيه مجرّد الجريان من فوق ما دام مسمّى البئر باقيا ، والمقصود في المقام الآخر ـ وهو الدفع عن الواقف القليل ـ مجرّد الاتّصال بالمعتصم ، لقيام الدلالة على كفايته في اتّحادهما في الحكم ، كما هو مذهب من يقول في الكرّ الغير المتساوي السطوح بتقوّي الأسفل بالأعلى دون العكس ، فالمثبت هنا إنّما هو الاتّحاد في الحكم والمنفيّ في الأوّل هو الاتّحاد في الاسم ، ولذا صدر العبارة مقيّدة بالمسمّى.
وأنت إذا تأمّلت في عبارة العلّامة ـ المتقدّمة ـ (٢) لم تجدها مخالفة لتلك العبارة ، ويرجع إليهما ظاهرا كلام المعتبر (٣) في المنع عن الكفاية ، إذ لا يظنّ أنّه يقول به حتّى في صورة خروج العنوان عن مسمّى البئر كما لا يخفى.
فينبغي القطع حينئذ بعدم الخلاف في الكفاية في تلك الصورة ، ومنشأ احتجاج المعتبر على عدم الكفاية بما مرّ هو الحصر المستفاد من نصوص المنزوحات الّتي أصرحها دلالة عليه صحيحة ابن بزيع ـ المتقدّمة ـ (٤) في أدلّة القول بالنجاسة ، المشتملة على قوله عليهالسلام : « ينزح دلاء » في جواب قول السائل : « ما الّذي يطهّرها »؟
واجيب عنه : بظهور ورودها مورد الغالب من تعذّر التطهير بغير النزح أو تعسّره ، ولي في المسألة تأمّل.
وقد يعترض ـ على القول بتطهيرها بإلقاء الكرّ عليها ـ : بأنّ اللازم من القول بذلك الالتزام أيضا بصيرورة ماء البئر معتصما لا ينفعل بما يقع فيه ، لأنّ دليل التطهير بإلقاء
__________________
(١) الدروس الشرعيّة ١ : ١١٩.
(٢) قواعد الأحكام ١ : ١٨٨.
(٣) المعتبر : ١٩.
(٤) الوسائل ١ : ١٧٦ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ٢١ ـ الكافي ٣ : ٥ / ١ ـ التهذيب ١ : ٢٤٤ / ٧٠٥ ـ الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٤.