الرواية عموم حكم الحمار لما ماثلها في الجنّة ، حيث جعل الحيوانات أصنافا بحسب الجثّة فيشمل البقرة » (١).
وإلى ذلك نزّل ما تقدّم من عبارات القدماء قائلا : « بأنّ الظاهر أنّ الكلّ فهموا من رواية الحمار وغيرها ما ذكرنا من إرادة المثال » (٢).
ولا يخفى على الفطن العارف أنّ ذلك في غاية الجودة ، وأجود ممّا رامه العلّامة في المنتهى (٣) من الاستناد في تعميم الحكم إلى ما رواه الشيخ ـ في الصحيح ـ عن الفضلاء الثلاثة زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهماالسلام في البئر يقع فيها الدابّة والفأرة والكلب والطير فيموت؟ ، قال : « يخرج ثمّ ينزح من البئر دلاء ، ثمّ اشرب وتوضّأ » (٤).
فقال في وجهه : « قال صاحب الصحاح : « الدابّة » اسم لكلّ ما يدبّ على الأرض ، و « الدابّة » اسم لكلّ ما يركب ، فنقول : لا يمكن حمله على المعنى الأوّل وإلّا لعمّ ، وهو باطل لما يأتي ، فيجب حمله على الثاني.
فنقول : الألف واللام في « الدابّة » ليست للعهد ، لعدم سبق معهود يرجع إليه ، فإمّا أن يكون للعموم كما ذهب إليه الجبّائيان ، أو لتعريف الماهيّة على المذهب الحقّ ، وعلى التقديرين يلزم العموم في كلّ مركوب.
أمّا الأوّل : فظاهر ، وأمّا الثاني : فلأنّ تعليق الحكم على الماهيّة يستدعي ثبوته في جميع صور وجودها وإلّا لم يكن علّة ، هذا خلف ، وإذا ثبت العموم دخل فيه الحمار ، والفرس ، والبغل ، والإبل ، والبقر [نادرا] غير أنّ الإبل والثور خرجا بما دلّ بمنطوقه على نزح الجميع ، فيكون الحكم ثابتا في الباقي.
فإن قلت : يلزم التسوية بين ما عدّده الإمامان عليهماالسلام.
قلت : خرج ما استثنى بدليل منفصل ، فيبقى الباقي لعدم المعارض ، وأيضا : التسوية حاصلة من حيث الحكم بوجوب نزح الدلاء ، وإن افترقت بالكثرة والقلّة ، وذلك شيء
__________________
(١) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ١ : ٢١٩.
(٢) كتاب الطهارة ١ : ٢٢٢.
(٣) منتهى المطلب ١ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٤) الوسائل ١ : ١٨٣ ب ١٧ من أبواب الماء المطلق ح ٥ ـ التهذيب ١ : ٢٣٦ / ٦٨٢.