وقدح فيها العلّامة في المنتهى بكون رواتها فطحيّة (١) ، غير أنّه واضح الدفع بالعمل والوثاقة كما هو صريح المحكيّ عن المعتبر (٢) ، وقضيّة إطلاق « الإنسان » عدم الفرق فيه بين الكبير والصغير ، ولا السمين والمهزول ، ولا الذكر والانثى ، كما هو المصرّح به في كلام غير واحد ، مع دعوى الاتّفاق عليه في بعض العبائر ، وفي شموله للكافر كشموله للمسلم قضيّة للإطلاق خلاف ، فالأكثر على الشمول ، وغيرهم كابن إدريس ـ في المحكيّ عنه ـ على منعه ، لقوله في الكافر بوجوب نزح الجميع ، محتجّا : « بأنّ الكافر نجس ، فعند ملاقاته حيّا يجب نزح البئر أجمع ، والموت لا يطهر فلا يزول وجوب نزح الماء » (٣) ، ثمّ دفع التمسّك بإطلاق « الإنسان » بمعارضته للجنب إذا ارتمس في البئر المحمول على المسلم ، مع أنّه بإطلاقه يعمّ الكافر.
وأجاب عنه في المنتهى : « بمنع وجوب نزح الجميع في مباشرة الكافر حيّا ، لابتنائه على وجوب نزح الجميع فيما لا مقدّر له بالخصوص في النصوص ، وهو في حيّز المنع ، وما ذكر من القياس ضعيف حيث أنّه لا جامع بين المقامين ، إلّا من حيث إنّ لفظ « الإنسان » مطلق ، كما أنّ لفظ « الجنب » مطلق ، وهذا لا يوجب أن لو قيّد أحد المطلقين بوصف وجب أن يقيّد به المطلق الآخر ، كيف ولو صحّ ذلك لاطّرد في كلّ اسم جنس حلّي باللّام ، فوجب أن يقال : إنّ لفظ « البيع » في (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٤) ولفظ « الزاني » و « الزانية » وكذا « السارق » و « السارقة » ونحوهما ليس للعموم ، لأنّ لفظ « الجنب » ليس للعموم ، ولا ريب في فساد ذلك ، على أنّا نقول : إن وجد بالقياس إلى الجنب مخصّص امتنع القياس ، وإلّا كان التقييد فيه أيضا ممنوعا ، مع أنّ دعوى عدم النصّ هنا غير مسلّمة ، كيف وأنّ النصّ كما يدلّ بمنطوقه فكذلك قد يدلّ بمفهومه الّذي هو ثابت هنا ، حيث إنّ « الإنسان » مطلق يتناول المسلم والكافر ، فيجري مجرى النطق بهما معا ، فإذا وجب في موته سبعون لم يجب في مباشرته أكثر ، لأنّ الموت يتضمّن المباشرة فيعلم نفي ما زاد من مفهوم النصّ ، سلّمنا ، لكن نمنع بقاء نجاسة الكفر بعد الموت ، وإنّما يحصل له نجاسة بالموت مغايرة لنجاسة حالة الحياة.
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٧٧.
(٢) المعتبر : ١٤.
(٣) السرائر ١ : ٧٣ نقلا بالمعنى.
(٤) البقرة : ٢٧٥.