ومثله في الشذوذ ما عن الفقيه (١) بدل « ماء المطر » « ماء الطريق » ، إلّا أن ينزّل إلى إرادة ماء المطر لأنّه الغالب ، وكيف فالتعدّي عن مورد النصّ غير سائغ ، وإلحاق غير المنصوص هنا كالمطر المخالط بغير ما ذكر من النجاسات ، والماء المخالط لها ولغيرها بغير المنصوص المخصوص بحكم آخر متعيّن ، إن لم يفهم من دليل مقدّر كلّ نجاسة منفردة شموله لها مختلطة.
ولعلّه إلى ذلك ينظر ما عن السرائر من « أنّ ما في المبسوط غير واضح ولا محكيّ ، بل تعتبر النجاسة المخالطة للماء [الواقع في ماء البئر] ، فإن كانت منصوصة [عليها] أخرج المنصوص [عليها] ، وإن كانت غير منصوصة دخلت في قسم غير المنصوص ، والصحيح من المذهب والأقوال المقصودة (٢) بالإجماع والنظر والاعتبار والاحتياط نزح جميع ماء البئر ، ومع التعذّر التراوح » (٣) انتهى.
وقضيّة ما عرفت عدم التعدّي عن حكم النصّ إلى ما لو انضمّ إلى المذكورات غيرها ، أو وقع الغير بدل بعضها ، ولمّا كان النصّ ظاهرا في اعتبار وقوع جميع المذكورات فقد يشكل الحال لو فقد بعضها ، لكن في كلام غير واحد ـ كما عن الشيخ عليّ في شرحه للقواعد (٤) ، وشرح الدروس (٥) ، وغيرهما ـ الاقتصار على حكم الجميع بالطريق الأولى.
وللتأمّل في أمثال هذه الأولويّة مجال واسع ما لم تكن عرفيّة ، والأقرب ملاحظة حال النصّ الوارد في مقدّر النجاسة المختلطة إذا وقعت منفردة ، فإن تناولها مختلطة وإلّا فالإلحاق بغير المنصوص ، من غير فرق في جميع ما ذكر بين كون مقدّر البعض المختلط مساويا للثلاثين أو زائدا عليه أو ناقصا منه.
وقد يقال في الأخير : بالاقتصار على المقدّر الأقلّ من ثلاثين إن كان ، ويدّعى عليه الأولويّة أيضا بالإضافة إلى حالة الانفراد وإن كان الأحوط اعتبار الثلاثين ، وفي
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢ / ٣٥.
(٢) والصواب : « المعتضدة » كما قال في السرائر : « فالصحيح من المذهب والأقوال الّذي يعضده الإجماع » الخ.
(٣) السرائر ١ : ٨١ ، مع اختلاف يسير في العبارة.
(٤) جامع المقاصد ١ : ١٤٢.
(٥) مشارق الشموس : ٢٣١.