بعد تنزيل الإطلاق إلى صورة الموت ، ولكن الحمل الأوّل مبنيّ على القول بنزح الجميع في صورة التغيّر وقد عرفت أنّ التحقيق خلافه ، فعلى المختار يتعيّن الحمل على الاستحباب خاصّة لو قلنا بتناول إطلاقه لصورة الوقوع والخروج حيّا ، فعليه لا معارض للصحيحة.
نعم ، في صحيحة عليّ بن يقطين عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام قال : سألته عن البئر يقع فيها الحمامة ، والدجاجة ، أو الفأرة ، أو الكلب ، أو الهرّة؟ فقال : « يجزيك أن تنزح منها دلاء » (١) الخ.
وفي صحيحة أبي اسامة عن أبي عبد الله عليهالسلام في الفأرة والسنّور والدجاجة والكلب والطير ، قال : « فإذا لم يتفسّخ أو يتغيّر طعم الماء فيكفيك خمس دلاء » (٢) إلى آخره ، وإطلاقهما يشمل محلّ البحث أيضا ، لكنّ العلاج سهل بحمل « الدلاء » في الأوّل على السبع حملا للمطلق على المقيّد إن كان المقام من مجاريها ، وإلّا فرميه كالثاني على الشذوذ من جهة إعراض الأصحاب عنه أولى ، كما ضعّفه غير واحد ، وعن ابن إدريس أنّه طرح الصحيحة قائلا : « بأنّها ليست بشيء يعتمد عليه والواجب العدول عن الرواية الضعيفة ، ونزح أربعين دلوا » (٣) ثمّ اعترض على نفسه : « بأنّك إذا لم تعمل بالرواية ، فلم لم تقل بنزح الجميع ، لأنّه ممّا لا نصّ فيه؟
فاعتذر بأنّه : إذا كان حال موته يجب له أربعون ففي الحياة بطريق أولى ، لأنّ الموت يزيد النجس نجاسة » (٤). وربّما يعتذر له : (٥) بأنّ تضعيفه الرواية مع كونها صحيحة مبنيّ على أصله المعروف من منع العمل بأخبار الآحاد ، وهو الوجه في وصفه المقام بما لا نصّ فيه ، لأنّ ما فيه نصّ غير معتبر بمنزلة ما لا نصّ فيه ، وعليه فما اعترض عليه العلّامة من قوله : « والجواب : المنع من عدم النصّ وقد ذكرنا حديث
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٨٤ ب ١٧ من أبواب الماء المطلق ح ٨ و ٢ ـ التهذيب ١ : ٢٤٢ و ٢٣٧ / ٦٩٩ و ٦٨٦ ـ الاستبصار ١ : ٣٨ و ٣٧ / ١٠٤ و ١٠١.
(٢) الوسائل ١ : ١٨٤ ب ١٧ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٢٣٧ / ٦٨٤.
(٣) السرائر ١ : ٧٦.
(٤) السرائر ١ : ٧٧ نقلا بالمعنى.
(٥) المعتذر هو صاحب المعالم رحمهالله ـ حيث قال ـ بعد ما أورد كلام ابن إدريس ـ : « وهذه الحجّة جيّدة على أصل ابن إدريس في ترك العمل بخبر واحد » ، فقه المعالم ١ : ٢٢٧.