غلبة الوجود حتّى يتوجّه ما أشرنا إليه من عدم العلم بالوجود ؛ بل لأنّ ذلك من مقتضى الهيئة التركيبيّة العارضة لخصوص هذه المفردات بحسب العرف كما يشهد به الوجدان السليم ، لكن مفروض المقام ليس من هذا الباب.
فإن قلت : المركّب قد يتبادر منه بنفس معناه التركيبي معنى مفرد كما في قولك : « دخلت الحمام » و « اشتريت الثوب » ونحوه المتبادر منه التنظيف واللبس ، فلم لا يجوز أن يكون القضيّة الواردة في الأخبار المطلقة من هذا الباب؟
قلت : فهم المعنى الخارج عن أجزاء القضيّة لا بدّ له من مقتض ، وهو إمّا غلبة وجود أو إطلاق قد عرفت عدم ثبوتها هنا ، أو لزوم عرفي كما في المثال المذكور ونظائره ، حيث إنّ المعنى الخارج المتبادر الّذي هو التنظيف أو اللبس إنّما يتبادر من جهة كونه في العرف والعادة غاية ، وبملاحظة أنّ وضع الحمّام للتنظيف ووضع الثوب للبس ، وهذا المعنى فيما نحن فيه أيضا منتف ، لعدم كون وضع البئر لاغتسال الجنب فيها حتّى يكون الاغتسال متبادرا من قضيّة قوله عليهالسلام : « فإن وقع فيها جنب » أو « إذا دخل الجنب البئر » ونحوه نظير تبادر الغايات من القضايا العرفيّة.
نعم ، ربّما يمكن استفادة ذلك من هذه التراكيب بملاحظة خارج آخر ، وهو ما في صحيحة ابن أبي يعفور من قوله عليهالسلام : « ولا تقع في البئر » الظاهر أو الصريح في الاغتسال أو كونه للاغتسال ، فإنّ ظاهر هذا الكلام بقرينة كونه في سياق الاغتسال يدلّ على كونه بالنسبة إلى هذا المعنى اصطلاحا معهودا لديهم ، وحينئذ يترتّب عليه الانصراف إلى الارتماس.
وبذلك يظهر صدق مقالة قدماء الأصحاب في اعتبار الارتماس ، ويتعيّن كون مرادهم به ما يحصل معه الاغتسال ، وإن كان قد يناقش في ذلك بأنّ هذا الظهور ـ لو سلّم ـ لا ينافي ظهور رواية أبي بصير في الترتيب ، فيجمع بينهما على تقدير اعتبار السند والدلالة بكون كلّ من الفردين سببا للحكم ، لا بحمل المطلق على المقيّد كما توهّم ، وهذا الظهور كما ترى ممّا لا يعرف له مستند إلّا باعتبار لفظة « من » المذكورة فيها على خلاف لفظة « في » الظاهرة في الارتماس.
ويزيّفه : أنّ لفظة « من » هنا ابتدائيّة نشويّة نظير ما في قولك : « فهمت منه » و « علمت