وثانيا : منع اقتضاء مباشرة البدن للمني عدم لحوق الحكم بنزح السبع به ، والقول بنزح الجميع في المنيّ ليس إلّا من جهة دخوله في عنوان ما لا نصّ فيه ، والروايات المذكورة على تقدير استفادة كون ذلك الحكم لأجل مباشرة البدن للمنيّ بملاحظة الحمل على الغالب ـ على ما قيل من أنّ الغالب عدم انفكاك بدن الجنب عن نجاسة المنيّ ـ تصلح نصّا بالقياس إليه ، فتخرج به عن العنوان المذكور ، ومعه لا مانع لإيجاب السبع له.
وقد يجاب أيضا : بمنع انحصار الأسباب المقتضية للتنجيس في الامور المعهودة في مظانّها ، لجواز كون بدن الجنب أيضا ممّا اعتبره الشارع منجسا للماء كسائر الأسباب المنجّسة له.
وفيه : من البعد ما لا يخفى ، بل ينبغي القطع الضروري بفساده ، كيف ولو صحّ ذلك لاطّرد الحكم بالتنجيس ، فكان القليل من الراكد أولى بالتنجّس من جهته ، ووجب تنجّس ما يلاقيه برطوبة من الأجسام الطاهرة لأنّ هذا هو معنى النجس ، وكونه نجسا بالقياس إلى شيء دون آخر ممّا لم يعهد له نظير في الشريعة.
والثالث : أنّ الأخبار وإن كان أكثرها مطلقة لكن إطلاقها ينصرف إلى صورة الاغتسال ، بل لو ادّعي انصرافها بحكم غلبة الوجود إلى الارتماس لم يكن بعيدا ، كما هو ظاهر لفظ « الوقوع » في رواية الحلبي ، وهذا لو تمّ لكان في غاية المتانة ، وبه يدفع ما تقدّم من احتجاج أهل القول الأوّل بإطلاق تلك الأخبار ، ويرتفع الحاجة إلى أن يقال في اشتراط الاغتسال بأنّ العمل بإطلاق الأخبار ليس مشتهرا بين الأصحاب ، ويورث ذلك شبهة عظيمة في تعيين معناها فيندرج المقام في ما يكتفى فيه بالقدر المتيقّن أو المظنون.
لكن دعوى الانصراف غير خالية عن الإشكال ، لعدم إمكان العلم به إلّا بعد العثور بمنشئه وهو الغلبة وجودا أو إطلاقا ولا سبيل لنا إلى ذلك ، كيف لا ولم يعهد عندنا فيما نعلم دخول الجنب أو نزوله في البئر فضلا عن كون الغالب فيه الاغتسال ، فإحراز الغلبة إن كان ولا بدّ منه لا يتأتّى حينئذ إلّا بملاحظة حال زمن الصدور أو بلد الخطاب ، وهو أيضا كما ترى غير متيسّر.
نعم ، لو كان مورد الروايات الاغتسال في البئر أو بماء البئر ونحو ذلك لكان ثبوت الانصراف إلى الارتماس كما ادّعاه المستدلّ في آخر كلامه بلا إشكال ؛ لا من جهة