بالمرّة ، إذ ليس الكلام فيما لو تحقّق الغسل في ملك الغير أو ما تعلّق به حقّه ؛ ولا ريب أنّ إفساد المالك وفي حكمه المأذون ماء بئره بأيّ معنى اريد منه ليس بمنهيّ عنه ، وإذا انضمّ إليه حيثيّة كونه في ملك الغير أو ما تعلّق به حقّ الغير مع عدم الإذن فيه لا مالكيّا ولا شرعيّا فعدم الصحّة إنّما هو من حيثيّة اخرى وهي التصرّف العدواني في ملك الغير ، لا لحيثيّة كونه للإفساد وسلب الطهوريّة.
وكيف كان فالحقّ : أنّ الغسل صحيح ، إذ لا موجب لتوهّم فساده إلّا وجوب النزح على فرضه ، وهو غير مستلزم له عقلا ولا شرعا وهذا ممّا لا تعلّق له بمورد الرواية حتّى يصحّ التعلّق بها في إبداء القول بالفساد ، وإنّما هي محمولة على مورد لم يكن محلّ البحث منه جزما.
ومن هنا اتّضح زيادة على ما مرّ في الجهة الثانية أنّ علّة وجوب النزح الوارد في الأخبار المطلقة ليست سلب الطهوريّة عن الماء ، إذ لا دليل عليه لمن توهّم ذلك إلّا الرواية المذكورة وقد عرفت أنّها ممّا لا تعلّق له بمحلّ البحث وبمسألة وجوب النزح أصلا ، ونحن إنّما ذكرناها هنا من جهة دفع بعض الكلمات المتعلّقة بها الصادرة عنهم هنا لا من جهة أنّ لها مدخليّة بموضع البحث هذا ، وتدبّر.
الجهة الرابعة : عن جماعة من الأصحاب أنّهم اشترطوا خلوّ بدن الجنب عن نجاسة عينيّة ليتمّ الاكتفاء بالسبع ، إذ لو كان عليه نجاسة لوجب مقدّرها إن كان وإلّا فعلى ما اختلف فيه من حكم ما لا نصّ فيه ؛ وعن العلّامة في المنتهى (١) التوقّف في الاشتراط ، وإن كانت هذه النسبة لا تخلو عن نظر ، لعدم دلالة كلامه على أنّه متوقّف في أصل المسألة ، وإن كان لا يخلو عن المناقشة من جهة اخرى حيث توهّم اختصاص النجاسة العينيّة المشترط خلوّها بالمنيّ كما لا يخفى على المتأمّل.
وعلى أيّ حال كان فالحقّ ما صار إليه الجماعة من قضيّة الاشتراط ، نظرا إلى أنّ الأحكام تابعة لموضوعاتها وهي ممّا تختلف باعتبار الحيثيّات ؛ والظاهر أنّ الأخبار الواردة في المقام معلّقة على حيثيّة الجنابة فلا تدخل فيها الحيثيّات الاخر ، ولا يعقل
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٨٩.