في الكتاب المعمول في أجوبته عن الأسئلة المعروضة عليه (١) ، ونقل عنه (٢) أيضا أنّه أخبر التصريح عن بعض الأعلام أنّه امتحنها بالذبح فرأى أنّ لها نفسا سائلة ، ومن البيّن أنّ الاحتجاج بالأخبار المتقدّمة مبنيّ على هذا المذهب ومعه لا وقع للاعتراض المذكور أصلا.
وعن عليّ بن بابويه أنّه احتجّ على إيجاب سبع بأنّها في قدر الفأرة أو أكبر ، وقد بيّنّا أنّ في الفأرة سبع دلاء فلا يزيد الحيّة عليها للبراءة ولا ينقص عنها للأولويّة (٣).
وضعفه واضح ، لمنع الأولويّة وعدم تأثير للبراءة بعد ملاحظة استصحاب النجاسة ، وأمّا الاكتفاء بالدلو الواحد ـ على ما في المعتبر ـ (٤) فلم نعرف له دليل ، وأمّا على ما حكاه المعالم فاحتمل بعضهم الاستدلال عليه بصحيحة الحلبي المتقدّمة ، بل بصحيحة الفضلاء ، ورواية الفضل المتقدّمتين في بحث الفأرة من المسألة الثامنة.
ومنها : الوزغة ، أفتى بالثلاث فيها على ما في المختلف (٥) الشيخان (٦) ، وابن البرّاج (٧) ، وابن حمزة (٨) ، والصدوق (٩) ، ودليله على ما تقدّم في الفأرة من صحيحتي ابن عمّار ، وابن سنان ، واضح.
لكن يشكل الحال في ذلك بعدم كون الوزغة ـ على ما صرّحوا به ـ من ذوات النفس ليوجب موتها نجاسة البئر ، ولذا صار ابن إدريس ـ على ما عزى إليه ـ إلى منع وجوب النزح فيها ، محتجّا : بأنّها لا نفس لها سائلة (١٠) ، إلّا على ما ذكره العلّامة في المختلف في تقريب هذا القول من أنّه : « يجوز أن يكون الأمر بالنزح من حيث الطبّ بحصول الضرر في الماء بالسمّ لا من حيث النجاسة ، ولا شكّ أنّ السلامة من الضرر أمر مطلوب للشارع ، فلا استبعاد في إيجاب النزح لهذا الغرض » (١١).
__________________
(١) لم نجده في جامع الشتات ـ على ما فحصنا عنه في الجملة ـ ولعلّه يوجد مع شدّة الفحص.
(٢) غنائم الأيّام ١ : ٥٦٩ حيث قال : « وسمعت ثقة قتلها وشاهد أنّ لها دما سيّالا في غاية القوّة كالسائل عن الفصد ، وسمعت بعض مشايخنا أيضا أنّه سمع ثقة آخر كذلك ».
(٣ و ٥) مختلف الشيعة ١ : ٢١٤ و ٢١٠.
(٤) المعتبر : ١٨.
(٦) أي الشيخ الطوسي في النهاية ١ : ٢٠٨ ، والشيخ المفيد في المقنعة : ٦٧.
(٧) المهذّب ١ : ٢٢.
(٨) الوسيلة : ٧٥.
(٩) الفقيه ١ : ١٤ / ٢٨.
(١٠) السرائر ١ : ٨٣.
(١١) مختلف الشيعة ١ : ٢١٢.