ولكن قد عرفت أنّ هذا الاحتمال يعارضه الاحتمال الآخر الّذي لا يقتضي كون المراد بالعصفور المعنى الأعمّ كما يظهر بأدنى تأمّل ، نظرا إلى أنّ الحصر المقصود حينئذ إنّما هو في المنزوحات المقدّرة ، فجعلها المعصوم عليهالسلام في الكثرة والقلّة وما يتوسّطهما على أقسام ثلاث وهي السبعون والواحد وما بينهما ، وقضيّة ذلك خروج الرواية من هذه الجهة مجملة ، إلّا أن يجعل فهم المشهور قرينة على التعيين وهو مشكل.
وأمّا ما يقال ـ في تقريب التعدّي ـ : من أنّه لمّا ثبت تفسير « الطير » بالحمامة فما فوقها كما تقدّم في بحثه ، وكان له سبع ولا واسطة بين السبع والواحد من العدد فيما بين الحمامة والعصفور تعيّن إلحاق ما دونها به.
ففيه أوّلا : ثبوت الواسطة بنصّ الرواية بالتقريب الّذي قرّرناه.
وثانيا : أنّ عدم ورود الواسطة في النصوص يقضي بكون ما عدا العصفور ممّا دون الحمامة ملحقا بما لا نصّ فيه كما هو الحال في سائر النجاسات الغير المنصوصة لا بالعصفور.
وكيف كان فالحكم معلّق على العصفور خاصّة ، وعلى تقدير التعدّي يتعدّى إلى كلّ ما يشابهه في الجثّة بحسب الخلقة الأصليّة لا باعتبار صغر السنّ من غير فرق في ذلك بين المأكول وغيره.
فما عن نظام الدين الصهرشتي شارح النهاية (١) من إجراء هذا الحكم في صغير الطير (٢) كالفرخ ممّا لا ينبغي الالتفات إليه ، وأضعف منه ما عن الراوندي (٣) من تخصيصه الحكم بمأكول اللحم احترازا عن الخفّاش ، تعليلا بأنّه مسخ أو أنّه نجس ، فإنّه مع أنّه ممّا لا دليل عليه مردود أوّلا : بمنع كونه مسخا ، وثانيا : نمنع نجاسته ، وثالثا :بكونه أخصّ من المدّعى.
وثانيهما : بول الصبيّ الّذي لم يتغذّ بالطعام ، نسب إلى الشيخين (٤) وكثير من الأصحاب ، وادّعي عليه الشهرة ، وعن أبي الصلاح وابن زهرة المصير إلى نزح ثلاث دلاء (٥) ، وعن
__________________
(١ و ٣) حكى عنه في المعتبر : ١٨.
(٢) كلّ طائر حال صغره « نسخة بدل ».
(٤) أي الطوسي في النهاية ١ : ٢٠٨ والمفيد في المقنعة : ٦٧.
(٥) الكافي في الفقه : ١٣٠ ؛ وغنية النزوع : ٤٩.