وعن بعض المتقدّمين : (١) أنّ المراد بالدلو الهجريّة (٢) ووزنها ثلاثون رطلا ، وقيل : أربعون ، وهو ضعيف جدّا لعراه عن مستند معتبر ، وإن كان قد يقال : إنّ مستنده ما نقل عن الفقه الرضوي من أنّه : « إذا سقط في البئر فأرة أو طائر أو سنّور وما أشبه ذلك فمات فيها ولم يتفسّخ نزح منها سبعة أدلو من دلاء هجر ، والدلو أربعون رطلا » (٣) ، فإنّ العذر في عدم الاعتداد بذلك ما تقدّم الإشارة إليه ، كما عليه بناء المعظم على ما اعتذر لهم بعضهم في عدم اعتدادهم هنا بما عرفت.
المسألة الثانية : عن العلّامة في أكثر كتبه (٤) ، وتبعه الشهيد في الذكرى (٥) ، وصاحب المعالم (٦) وغيره ـ على ما حكي ـ القول بأنّه لو نزح البئر بإناء عظيم يسع العدد ومقدار الدلاء المقدّرة دفعة أو دفعات كان مجزيا ، وعن المحقّق في المعتبر (٧) ، والعلّامة في التحرير (٨) ، والمنتهى (٩) ، والشهيد في الدروس (١٠) والبيان (١١) ، والشهيد الثاني (١٢) أيضا القول بخلافه ، حجّة الأوّلين وجهان :
أحدهما : أنّ الغرض من اعتبار النزح ـ وهو إخراج المقدار ـ يحصل بذلك أيضا فيكون مجزيا.
وفيه : إنّ ذلك إنّما يصحّ فيما لو كان المقدّر الشرعي مقدّرا وزنيّا كالكرّ المقدّر نزحه في بعض النجاسات ، وفي حكمه النزح المزيل للتغيّر على المختار من حصول الطهر بإزالة التغيّر ونزح الجميع فيما اعتبر له ذلك ، فإنّ الغرض في هذه الصور يحصل بكلّ ما أمكن معه النزح كما نصّ عليه غير واحد ونفوا عنه الإشكال بل الخلاف أيضا ، ولا ريب أنّ مفروض المسألة ليس من هذا الباب ، بل المقدّر الشرعي هنا عددي ، وأداء المقدّر الوزني من دون مراعاة العدد المخصوص لا يقوم مقام العدد وإن بلغ في الكثرة ما
__________________
(١) حكاه في فقه المعالم ١ : ٢٨٧.
(٢) وفي هامش المعالم عن بعض النسخ : « المراد بالدلو النجرية ».
(٣) فقه الرضا عليهالسلام : ٩٢.
(٤) كما في تذكرة الفقهاء ١ : ٢٨.
(٥) ذكرى الشيعة ١ : ٨٩.
(٦) فقه معالم ١ : ٢٨٨ ـ ٢٨٧. (٧) المعتبر : ١٩.
(٨) تحرير الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (الطبعة الحجريّة) : ٥.
(٩) منتهى المطلب ١ : ١٠٤.
(١٠) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢١.
(١١) البيان : ١٠٠. (١٢) مسالك الأفهام ١ : ١٩.