احتمال استناده إلى غيره كان طاهرا.
وكذلك لو وقع فيه طاهر ونجس وتعقّبهما التغيّر مع الشكّ في استناده إلى الطاهر أو النجس ، نعم لو علم باستناده إلى أحدهما معيّنا يلحقه حكمه من طهارة أو نجاسة ، وأمّا لو علم باستناده إليهما معا على نحو الشركة فهو من جزئيّات الفرع الأوّل وقد تبيّن حاله.
ولو تغيّر بعض الزائد على الكرّ فإن كان الباقي كرّا اختصّ النجاسة بالمتغيّر ، بخلاف ما لو كان الباقي دون الكرّ فإنّه ينجّس الجميع ، أمّا البعض المتغيّر فللتغيّر ، وأمّا الباقي فبالملاقاة ، وأمّا لو شكّ في كرّيّة الباقي كان محكوما عليه بالطهارة للأصل والاستصحاب.
وأمّا ما يسند إلى بعض الشافعيّة (١) ـ من القول بنجاسة الجميع وإن كثر وتباعدت أقطاره ، لأنّ المتغيّر نجس فينجّس ما يلاقيه ثمّ ينجّس ملاقي ملاقيه وهكذا ـ فضعيف جدّا ؛ لأنّ ملاقي النجس إذا كان كثيرا لا ينجّس بالملاقاة إجماعا كما يأتي تحقيقه.
ولو تغيّر الماء بالنجاسة في غير الصفات الثلاثة ، من الحرارة والبرودة أو الخفّة والغلظة أو الصفاء والكدورة أو التأثير والخاصّيّة لم ينجّس قولا واحدا فتوى وعملا ؛ لاختصاص أدلّة التنجيس بغير تلك الصفات من الصفات الثلاثة ، ولا ينافيه ما فيها من المطلقات بعد إعمال قاعدة حمل المطلق على المقيّد ، الّذي هو عبارة عن الحصر المستفاد من ملاحظة مجموع الروايات ، حيث لم يقع فيها إشارة إلى اعتبار التغيّر فيما عدا الأوصاف الثلاث بالخصوص.
ولو تغيّر بالمجاورة ومرور رائحة النجاسة القريبة منه إليه من دون ملاقاتها له لم ينجّس أيضا ، وفي الحدائق قولا واحدا (٢) ؛ لأنّ الرائحة ليست بنجاسة فلا تؤثّر تنجيسا ، وهو كما ترى في غاية الجودة ، وإن كان لا يخلو عن ضرب من القصور في التأدية.
فتوضيحه : أنّ الحكم في أكثر روايات الباب معلّق على أعيان النجاسات من الدم والبول والجيفة على فرض وقوعها في الماء وكونها بأعيانها فيه ، ولا ريب أنّ اللون في مفروض المسألة ليس بعين نجسة ، كما أنّ العين فيها ليست بواقعة في الماء ، ومعه
__________________
(١) المغني لابن قدامة ١ : ٢٩.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ١٨٧.