لا داعي إلى الحكم بالنجاسة في تلك الصورة.
نعم ، في جملة من الروايات ما يوهم في ابتداء النظر عدم الفرق بين ما لو كان التغيّر عن عين النجاسة أو عن مجاورتها ومرور رائحتها ، كالنبوي المتقدّم (١) ، والأولى من روايتي دعائم الإسلام (٢) ، ورواية الشهاب (٣) بما في ذيلها ، ورواية حريز (٤) ، وروايتي محمّد بن إسماعيل (٥) الواردتين في البئر ، ولكن ليس شيء منها بشيء.
أمّا النبوي فللقدح في سنده أوّلا ، ودلالته ثانيا.
أمّا الأوّل : فلما عرفت من كونه عامّيّا مرسلا وإن ادّعي كونه متواترا ، ولا جابر له في خصوص المقام لما عرفت من ذهاب الأصحاب إلى خلاف ما اقتضاه إطلاقه أو عمومه ، بل ولو فرضنا سنده صحيحا لسقط عن الاعتبار في خصوص هذا الحكم ، بملاحظة إعراض الأصحاب عنه من هذه الجهة وعدم الاعتناء به.
وأمّا الثاني : فلمنع عموم أو إطلاق في الرواية بحيث يشمل المبحوث عنه أيضا ؛ فإنّ « شيئا » في قوله : « لا ينجّسه شيء ، » لا يراد منه ما يصدق عليه الشيء في الخارج كائنا ما كان ، وإن كان عامّا من جهة وقوعه في سياق النفي ، بل يراد به بملاحظة تركيب الكلام وتضمّنه للفظ « ينجّسه » جميع الأفراد ممّا كان من سنخ المتنجّس ، كما أنّه لو قال لأحد : « ما أكلت اليوم شيئا » ، لا يتناول ذلك العامّ ما ليس من أفراد المأكول أصلا ، بل هو عامّ في خصوص أفراد المأكول ، فيكون حاصل تقدير الرواية : أنّه لا ينجّسه شيء من المنجّسات ، فيكون قوله : « إلّا ما غيّر لونه » الخ استثناء عن الشيء بهذا المعنى ، وحاصله : إلّا متنجّس غيّر لونه الخ.
ولا ريب أنّه بهذا المعنى لا يتناول نظائر المقام ولو فرضناه عامّا ، بناء على القول بكون الموصولات من العمومات ؛ إذ العامّ إنّما يشمل أفراده بعد الفراغ عن إحراز فرديّتها له ، وكون مرور الرائحة إلى الماء من النجاسة وتغيّره بالمجاورة منجّسا له ممّا
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٩ / ٦.
(٢) دعائم الإسلام ١ : ١١١.
(٣) الوسائل ١ : ١٦١ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ١١.
(٤). التهذيب ١ : ٢١٦ / ٦٢٥ ـ الاستبصار ١ : ١٢ / ١٩ ـ الوسائل ١ : ١٣٧ ، ب ٣ من أبواب الماء المطلق ح ١.
(٥) التهذيب ١ : ٢٣٤ / ٦٧٦ ـ الوسائل ١٧٢ : ١ ، ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ٧.