لم يكن محرزا ؛ لعدم قيام دليل من الشرع على أنّه أيضا يوجب نجاسة الماء فيكون مشكوكا في فرديّته ، ومعه لا يعقل العموم بالقياس إليه.
وأمّا رواية دعائم الإسلام فللقدح فيها أيضا سندا ودلالة.
أمّا الأوّل : فقد اتّضح ، وأمّا الثاني : فلانصراف قوله : « وليس ينجّسه شيء ما لم يتغيّر أوصافه » إلى الامور المذكورة أوّلا من الجيف والعذرة والدم ، فيكون التغيّر ظاهرا فيما يستند إليها ، وهو ظاهر فيما يستند إلى أعيانها.
ودعوى : أنّ المورد لا يصلح مخصّصا للوارد.
يدفعها : أنّ الحمل المذكور ليس من باب التخصيص بل هو عند التحقيق أخذ بما هو من مقتضى التخصّص.
وبيان ذلك : أنّ لفظ « شيء » حيثما طرأه العموم المصطلح ليس على حدّ غيره من ألفاظ العموم الّتي لمدلولها أفراد مضبوطة معيّنة لا يتجاوزها الألفاظ إلّا بالتخصيص ، بل هو في إفادته العموم وكمّيّة ما يعمّه يتبع المقام ، ويأخذ من الأفراد ما يناسبه ويساعد عليه سياق الكلام ، فقوله : « ليس ينجّسه شيء » إنّما ينصرف عرفا إلى ما سبقه من النجاسات المذكورة ، فيكون عامّا في أفرادها لا مطلقا.
وأمّا الثالث : فلظهور أنّ المراد بالماء الراكد بقرينة ما سبق الماء الراكد الّذي فيه الجيفة.
لا يقال : لو صحّ ذلك لكان إضمار السؤال عن أحدهما مغنيا عنه في الآخر لكون كلّ من الغدير والراكد من واد واحد.
لأنّا نقول : إنّهما موضوعان متغايران وإن كان الثاني أعمّ من الأوّل ، فإنّ الغدير هو الماء الّذي تغادره السيول أي تخلّفه ، والراكد هو الماء الساكن الغير الجاري ، فلعلّ السائل قد أضمر السؤال عن كليهما لتوهّمه الفرق بينهما في الحكم باعتبار خصوصيّة من الخصوصيّات ، لعلمه بأنّ مبنى الشرع على الجمع بين المختلفات والتفريق بين المتّفقات.
وأمّا الرابع : فلأنّ المتبادر من قوله : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة » ما اعتبر غلبة وصفه على الجيفة الواقعة فيه الملاصقة له ، لا مطلقا.
وأمّا الخامس : فلأنّ المراد بـ « الإفساد » الوارد في الروايتين إنّما هو الإفساد الشرعي المانع عن استعمال الماء في مشروط بالطهارة وهو التنجيس ، فيرجع مفاده إلى ما قرّرناه في