عن أصل الاشتغال على هذا القول بالنسبة إلى غير المنصوص.
وهذا المنع قويّ متّجه ، وعليه يختصّ ما تقدّم من حكم غير المنصوص واخترنا فيه لزوم نزح الجميع بالقول بالانفعال ، لأنّ الاشتغال على هذا القول تابع لعروض النجاسة للبئر وهو قدر مشترك بين المنصوص وغيره ، وإن كان إتمامه في غاية الإشكال إلّا من جهة الإجماع على عدم الفرق ، ولعلّه ثابت. فتأمّل.
هذا كلّه إذا اتّحد الجزء أو تعدّد وعلم بكونه من حيوان واحد ، وأمّا مع الاشتباه في كونه من واحد أو اثنين ففي المدارك : « الأقرب عدم التضاعف ، لأصالة عدم التعدّد » (١) وهو واضح الضعف ، لأنّ التعدّد بالنسبة إلى الجزءين محرز فلا يعقل نفيه بالأصل ، وبالنسبة إلى الكلّ محتمل ككون الاتّحاد محتملا فلا يقين بشيء منهما لاحقا ولا سابقا.
وعن الشهيد : « أنّ الأجود التضاعف » (٢) وكأنّ مستنده الاستصحاب ، لكن بناء على عدم التداخل ولو من جهة الاستصحاب.
وعن صاحب المعالم : « الوجه عندي نزح أقلّ الأمرين من مقدّر الكلّ من كلّ منهما ومن منزوح غير المنصوص » (٣) ، وهذا جيّد وإن كان الاحتياط واستصحاب النجاسة يقتضي اعتبار مقدّر الكلّ بل القول بالتضاعف.
ولو اشتبه الجزء بين حيوانين مقدّر أحدهما أكثر من الآخر ، فمقتضى الاستصحاب اعتبار مقدّر الأكثر ، ومنه يعلم الحال في الجزءين المشتبهين بين حيوانين مختلفين في المقدّر.
الثالثة : قال في الدروس : « ولو تضاعف المنجّس تضاعف النزح ، تخالف أو تماثل في الاسم أو في المقدّر » (٤) وعزاه الخوانساري في الشرح (٥) إلى جماعة من المتأخّرين ، منهم المحقّق والشهيد الثانيين (٦) ، وهو محكيّ عن المعالم أيضا (٧) ، وهذا هو الّذي يعبّر عنه بعدم التداخل مطلقا ، وعن العلّامة في جملة من كتبه كالقواعد (٨) ، والمنتهى (٩) المصير إلى تداخل النجاسات مطلقا ، متخالفة كانت كالإنسان والكلب ، أو متماثلة في
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٩٩.
(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٩١. (٣) المعالم ١ : ٢٧٨.
(٤) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢١.
(٥) مشارق الشموس : ٢٤٣.
(٦) كما في جامع المقاصد ١ : ١٤٧ ، ومسالك الأفهام ١ : ٢٠.
(٧) فقه المعالم ١ : ٢٧٥.
(٨) قواعد الأحكام ١ : ١٨٨ حيث قال : « ولو تكثّرت النجاسة تداخل النزح مع الاختلاف وعدمه ».
(٩) منتهى المطلب ١ : ١٠٧.