على ما في المدارك وغيره (١) رواية سليمان المتقدّمة ، وأورد عليه في الكتاب : « بأنّها غير دالّة عليه ».
أقول : وكأنّ المقصود بالاستناد إليها إثبات العلوّ لجهة الشمال بالقياس إلى الجنوب ، ليترتّب عليه الإلحاق ، بناء على ما استفادوه من النصوص من أنّ الغرض من التحديد الوارد فيها حفظ الماء عن نفوذ البالوعة إليه كما تقدّم الإشارة إليه ، وحينئذ فلا إشكال في أنّ البئر إذا كانت واقعة في جهة الشمال فلا تميل إليها البالوعة وإن تساوى قراراهما ، بخلاف ما لو كانت واقعة في جهة الجنوب ، فإنّ البالوعة حينئذ يميل إليها بالطبع.
ثمّ إنّ صور المسألة على ما ذكره الجماعة أربع وعشرون ، حاصلة من ضرب الجهات الأربع وهي الجنوب والشمال والمشرق والمغرب في الستّة المتقدّمة ، الحاصلة من ضرب الاثنين المتصوّرين من جهة الأرض في الثلاث المتصوّرة من حيث الوضع.
ومحصّل العمل : أنّ البعد فيما بين البئر والبالوعة إمّا أن يكون ممّا بين الجنوب والشمال ، أو ممّا بين المشرق والمغرب ، وكلّ من هذين صورتان ، وعلى التقادير الأربع فالأرض إمّا صلبة أو رخوة ، فهذه ثمان صور ، وعلى التقادير إمّا أن يستوي القراران حسّا ، أو يكون البئر أعلى ، أو البالوعة ، فالمرتفع أربع وعشرون صورة ، وإن لم يكن لبعضها تأثير في اختلاف الحكم.
وقد ذكروا : أنّ في سبع عشر منها يكون التباعد بخمس أذرع ، وفي سبع منها بسبع أذرع ، وهذه السبع بعض من الثمان المخرجة لصورتي استواء القرارين ، أو علوّ قرار البالوعة في الأرض الرخوة ، بناء على أنّ كلّ صورة من الصور الستّ المتقدّمة يتحصّل لها بملاحظة الجهة أربع صور ، فإذا اخرج من تلك الثمان صورة ما لو استوى القراران وكان البئر أعلى جهة من البالوعة بكونها في جهة الشمال والبالوعة [تحتها] وادخلت في صور الحكم بالخمس ، يبقى تحت حكم السبع سبع صور يعلم تفاصيلها بالتأمّل.
لكن في كلام شارح [الدروس] بعد ذكر الصور ما لفظه : « وفي صورة يقع التعارض بين الفوقيّتين يجعلونها بمنزلة التساوي » (٢) ، ومراده بالفوقيّتين فوقيّة البئر قرارا وفوقيّة البالوعة جهة ، أو بالعكس ، والمراد من كونها بمنزلة التساوي الحكم عليها بالسبع ، وحينئذ
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٠٣ ـ روض الجنان : ١٥٦.
(٢) مشارق الشموس : ٢٤٧.