فلا وجه لقوله أيضا : « وكذا لم يعلم على القول الثالث أنّ حكمه مع الامتياز وعدم سلب الإضافة ما ذا؟ » (١).
فإنّ حكم ذلك يعلم من اعتبارهم الاختلاط في التطهير كما لا يخفى ، ومراده بالقول الثالث حسبما ذكره هو ما ذكرناه.
حجّة القول باشتراط بقاء الإطلاق ـ على ما قرّر ـ : أنّ المضاف يتوقّف طهره على شيوعه في المطلق بحيث يستهلك ، وهذا لا يتمّ بدون بقاء المطلق على إطلاقه ، وإذا لم يحصل الطهارة للمضاف وصار المطلق بخروجه عن الاسم قابلا للانفعال فلا جرم ينجّس الجميع.
ومقتضى هذه الحجّة أنّ هذا الشرط من فروع اشتراط الاختلاط والامتزاج ، بمعنى شيوع الأجزاء في الأجزاء على وجه زالت الامتياز بينهما ، وهو كما ترى ، فإنّ ظاهرهم التسالم في اشتراط الاختلاط بهذا المعنى ، والّذي يختلفون فيه أمر زائد عليه.
ولو سلّم اختلافهم في اشتراط الاختلاط أيضا كما يومئ إليه تعبير العلّامة في المنتهى بقوله : « والطريق في تطهيره إلقاء كرّ فما زاد عليه » (٢) وتعبير الشيخ بأنّه : « لا يطهّر إلّا بأن يختلط بما زاد على الكثير » (٣) فهو أمر خر لا ربط له بمسألة بقاء المطلق على إطلاقه ، إذ قد يحصل الشيوع بينهما على الوجه المذكور مع خروج المطلق عن إطلاقه ، وإن خرج المضاف أيضا عن اسمه الأوّل ، كما لو كان الخليط خلًّا حادّا في غاية الحدّة ، أو ماء ممزوجا بالدبس ، وكان بعد الامتزاج حلوا في غاية الحلاوة ، وذلك واضح ، ويتّضح غاية الاتّضاح فيما لو كان الخليط كثيرا في غاية الكثرة ، فعبارة الحجّة حينئذ إمّا مسامحة في التعبير أو اشتباه عن سوء الفهم.
والمنقول من حجّة المنتهى والقواعد : أنّ بلوغ الكرّيّة سبب لعدم الانفعال من دون التغيّر بالنجاسة ، فلا يؤثّر المضاف في تنجّسه باستهلاكه إيّاه ، لقيام السبب المانع ، وليس
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٥٨.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٢٧.
(٣) كذا في الأصل ، ولا يخفى عدم مطابقته مع ما في المبسوط ، وإليك نصّه : « ولا طريق إلى تطهيرها بحال إلّا أن يختلط بما زاد على الكرّ من المياه الطاهرة المطلقة ... الخ » المبسوط ١ : ٥.