على امتناع اختلاف الماء الواحد في الحكم ، بدعوى : عدم اختصاص هذه القاعدة بالماء بل تجري في مطلق المائع ، ولعلّها كذلك.
وثانيهما : أنّ كلام الأصحاب ليس مفروضا في صورة استهلاك المطلق ، بل المعتبر عندهم استهلاك المضاف في الكثير المطلق ، وحينئذ لو فرض أنّ استهلاك المضاف في الماء المطلق وحدوث إضافته صار دفعة واحدة حقيقيّة ، أمكن أن يقال : إنّ المضاف لم يلاق نجسا ، بل الكثير بتلاشيه فيه صار مضافا ، والمفروض حدوث الطهارة بنفس التلاشي لأنّ الكثير لا ينفعل ، فالاختلاط سبب للتطهير والإضافة معا ، ولو شكّ في طهارة المضاف حينئذ شكّ في نجاسة الكرّ والأصل عدمهما ، فيتساقطان ويرجع إلى قاعدة الطهارة.
ودفع : بأنّ الامتزاج الدفعي الحقيقي ممّا لا يوجد في الخارج ، وبدونه لا مناص عن التزام النجاسة بما ذكر ، بل ينبغي الحكم بالانفعال مع الدفعة إذا القي الكرّ على المضاف على ما فرضه في المنتهى ، لأنّ محلّه يبقى على النجاسة فينجّس المضاف بملاقاته.
أقول : ويمكن دفع ذلك بأنّ طهارة المحلّ حينئذ تابعة لطهارة الحالّ ، فإذا فرض أنّ طهارة المضاف مع إضافة المطلق قد حصلتا في ن واحد ، فيلزم طهارة المحلّ أيضا تبعا.
ولا يلزم منه كون مطهّره المضاف ، ليرد عليه : أنّ المضاف لا يصلح مطهّرا ، لأنّ المؤثّر في طهارة الحالّ حين الامتزاج هو المطلق ، وهو لو صلح مؤثّرا فيها في تلك الحين كان صالحا له بالقياس إلى المحلّ أيضا والفرق تحكّم.
إلّا أن يقال : بأنّ المقتضي لتأثيره في طهارة الحالّ إنّما هو امتناع اختلاف المائعين في الحكم المجمع عليه عند الأصحاب ، وهذا غير جار بالقياس إلى المحلّ.
وفيه : كما أنّ هذا الإجماع ثابت بالقياس إلى الحالّ كذلك ثابت بالقياس إلى المحلّ أيضا ، إذ لا يعقل شرعا كون مائع كائن في محلّ طاهرا ومحلّه نجسا ، فطهارته حين ما هو طاهر تستلزم طهارة محلّه ، وبعد حدوث الطهارة فيه لا يعود نجاسته الزائلة.
وتحقيق المقام : أنّ حكم المسألة لا بدّ وأن يستفاد من الملازمة المجمع عليها النافية لاختلاف المتخالطين في الحكم ، فإن حكم ببقاء المضاف على نجاسته فيتبعه المطلق ، وإن حكم ببقاء المطلق بعد الإضافة على طهارته فيتبعه المضاف ، لكنّ الحكم