فكذلك العدول إلى التيمّم أيضا خلاف الاحتياط ، لجواز كون ذلك مطلقا في الواقع ، ومقتضى العمل على الاحتياطين الجمع بين الأمرين حسبما ذكره الشيخ أخيرا ، لا الاجتناب عن استعمال ذلك رأسا.
ثمّ يبقى الكلام بعد ما أمكن الاحتياط بالجمع فيما ذكره العلّامة من اعتبار التقدير استعلاما للحال ورفعا للاشتباه الّذي هو مناط الاحتياط بناء على إمكانه ، وجواز ذلك كما ترى ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، بل الكلام ـ لو كان ـ فإنّما هو في وجوبه ، ولمّا كان المقام ممّا أمكن فيه الامتثال العلمي وكان دائرا بين الامتثال التفصيلي ـ وهو ما اوتي بشيء على أنّه بعينه المأمور به ـ والامتثال الإجمالي ـ وهو ما اوتي بأشياء على أنّ المأمور به فيها مردّد بينها ، بأن يكون الإتيان بكلّ واحد على أنّه أحد الامور المردّد فيها المأمور به ـ فالكلام يرجع إلى أنّ المعتبر في مورد إمكان الامتثال العلمي هل هو الامتثال التفصيلى ، ولا يجوز العدول إلى الامتثال الإجمالي إلّا مع تعذّر الامتثال التفصيلي أو لا؟ بل يجوز الاكتفاء بالامتثال الإجمالي أيضا ، على معنى ثبوت التخيير بين الامتثالين من أوّل الأمر.
والمسألة اصوليّة وفيها وجهان بل قولان وتحقيقها موكول إلى محلّه ، ومجمل القول فيها ـ حسبما يساعد عليه النظر القاصر ـ أنّ الامتثال التفصيلي متعيّن ما دام ممكنا ، عملا بأصل الشغل السليم هنا عن المعارض ، بناء على ما هو الراجح من كون الامتثال اللازم في الأوامر من قبيل الأغراض لا من قيود المأمور به حتّى يدفع احتمال مدخليّة التفصيل وكونه معتبرا مع المأمور به بإطلاق الأمر.
وعليه كان الأقوى في المقام ما ذهب إليه العلّامة ومن وافقه كالشهيد رحمهالله في الدروس (١) ، والمحقّق الثاني في بعض فوائده (٢) من اعتبار التقدير ووجوبه ، إذ به يحصل الامتثال العلمي التفصيلي ، وما يحصل من الامتثال بالاحتياط المقتضي للجمع وإن كان علميّا لكنّه إجماليّ ينفي جواز الاكتفاء به بأصل الشغل. فما في كلام جماعة من أنّ هذا القول ممّا لا دليل عليه من عقل ولا شرع كلام خال عن التحصيل.
ثمّ عن العلّامة أنّه اعتبر تقدير الوصف في كثير من كتبه ولم يتعرّض لبيان الوصف
__________________
(١) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٢.
(٢) حكاه عنه في فقه المعالم ١ : ٤٣١.