إطلاقها ، وتكون هذه المقدّمة أعني المزج المحصّل للماء بالنظر إلى الوضوء الواجب مقدّمة وجوديّة يجب تحصيلها ، والمجاز وإن كان مرجوحا بالقياس إلى نوع التقييد ، إلّا أنّه لوحدته وتعدّد التقييد منطوقا ومفهوما ـ مع تفسير المقدّس الأردبيلي في آيات أحكامه (١) لـ « تجدوا » في الآية بـ « تتمكّنوا » من دون نقل خلاف فيه ، المشعر بالاتّفاق عليه ، مع تصريح بعض الفقهاء أيضا بذلك ، وشهرة الحكم المذكور على الظاهر ـ وجب المصير إليه ، فالقول بوجوب المزج إذا أرجح ، مع أنّه أحوط.
لقلنا : مع أنّه لا حاجة إلى استثناء بعض المذكورات حتّى يلزم بذلك تقييد ، لما عرفت من صدق قضيّة وجدان الماء عند التمكّن بالحفر ونحوه من مقدّمات التحصيل ، لا تعارض بين التقييد والمجاز المذكورين ليوجب ذلك إلى مراجعة الترجيح ، بل مفاد الآية ما يستلزم تقييد المطلقات ولو حملنا « الوجدان » على التمكّن ، فلا يلزم وجوب المزج على التقديرين وكونه مقدّمة وجوديّة ، أمّا على تقدير حمل « الوجدان » على حقيقته المستلزم للتقييد فلما ذكرناه ، وأمّا على تقدير حمله على التمكّن والاقتدار فلأنّ التمكّن ليس بحاصل بالقياس إلى الماء بالمعنى المذكور ، وإنّما هو تمكّن بالقياس إلى ما يؤول إلى الماء بعين ما ذكر ، فلا يختلف الحال بسبب اختلاف التفسير ، فتفسير المحقّق الأردبيلي رحمهالله مع كونه متعيّنا لا ينفع شيئا في إثبات دعوى إطلاق وجوب الوضوء المقتضي لوجوب المزج ، إلّا على تقدير حمل « الماء » أيضا على معناه المجازي بعلاقة الأول ، وهو كما ترى مجاز آخر غير ما يلزم منه بحمل « الوجدان » على التمكّن ، فما في كلام جماعة من بناء المسألة على احتمالي كون « الوجدان » مرادا به معناه الحقيقي أو التمكّن مجازا ليس بشيء.
فالراجح في النظر ـ على ما بيّنّاه ـ ما صار إليه الشيخ عملا بقاعدة عدم وجوب إيجاد مقدّمة الوجوب ، وإن كان الإيجاد ممكنا بحسب أصله وذاته ، كاستطاعة الحجّ الغير الموجودة مع التمكّن عن إيجادها بالسعي في تحصيل المال أو قبول ما يبذله باذل.
* * *
__________________
(١) زبدة البيان : ٢٦.