مخصّصة لها ، وعلى فرض منع هذه القضيّة فهذه الأخبار موهونة بعدم أخذ الأصحاب بعمومها فيما يتعلّق بالمقام.
ومن العقل والاصول العامّة وجوه بين سليم وسقيم.
منها : ما نقرّره على وجه يكون سليما عمّا يقدح فيه ، من : أنّ النجاسة في موضع العلم بتحقّق سببها ما يوجب وجود تكاليف كثيرة مترتّبة على العلم المذكور ، من حرمة مباشرتها في الأكل والشرب ، ووجوب إزالتها في مشروط بها من الصلاة والوضوء ونحوهما ، ووجوب الصلاة ونحوها بما سلم عنها من ثوب أو بدن أو ماء أو نحوه ، ولا ريب أنّ التكليف اليقيني بحكم العقل المرشد المكلّف إلى ما يدفع معه استحقاق العقوبة ومخالفة الإطاعة يستدعي الفراغ اليقيني والامتثال العلمي بالمعنى الأعمّ ، ممّا هو قائم مقام العلم في نظر الشارع ، والفارغ اليقيني بعنوان أنّه يقيني كالامتثال العلمي بوصف أنّه علمي لا يتأتّى إلّا بإجراء لوازم النجاسة في الجميع ، من التحرّز عن الجميع في مقام الأكل والشرب ، وعدم تطهير الثوب أو البدن ، وكذلك الاغتسال والتوضّي به ، وعدم الدخول في الصلاة ونحوها مع مباشرته كلّا أم بعضا في بدن أو ثوب ، ولو كان ذلك من جهة كون الثوب بنفسه من أطراف الشبهة ، فيكون الكلّ واجبا من باب المقدّمة الثابت وجوبها هنا كوجوب ذيها بحكم العقل على جهة الإنشاء بنفسه ، لا إدراك المنشأ لغيره.
والمناقشة في هذا الدليل إنّما هي بمنع مقدّماته ، كمنع العلم بتحقّق السبب رأسا ، أو منع تأثير هذا القسم في ثبوت النجاسة ، أو منع كفايته في اقتضاء النجاسة الثابتة به لأحكامها ولوازمها ، بدعوى : أنّ الاشتباه المقارن لهذا العلم مانع عن حدوث تلك الأحكام ورافع لما حدث منها قبل طروّه كالعذر العقلي أو الشرعي ، أو أنّ الشارع جعله أمارة لرفع أحكام النجاسة عن النجس المعلوم بالإجمال ، أو منع شمول الأدلّة المرتّبة لتلك الأحكام للمعلوم بالإجمال ، أو منع استدعاء الشغل اليقيني العلم بالفراغ بالموافقة ، بل غاية ما يستدعيه إنّما هو منع المخالفة القطعيّة وهي لا تحصل بارتكاب ما لا يقطع معه بمباشرة النجس الواقعي.
وأنت خبير بأنّها بجميع الوجوه المقرّرة دعوى ممنوعة على مدّعيها.
أمّا الوجه الأوّل من المنع : فلأنّ المفروض حصول العلم بوجود السبب ، وكونه إجماليّا باعتبار عدم تعيّن متعلّقه في ظاهر الحال لا يقضي بانتفائه رأسا.