جهة عدم علمه بتحقّق السبب منه ، بل لو فرض استمرار العذر لهما معا يقبح على الشارع الحكيم توجيه الخطاب إليهما بطلب الاغتسال عنهما معا أو عمّن تحقّق منه السبب بحسب الواقع ، ضرورة عدم جواز أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه ؛ وهو علم المأمور بتحقّق جهة صدور الطلب المتوقّف على علمه بتحقّق السبب منه بعينه ، ولا يجدي فيه علم الآمر بواقع الأمر ، لأنّ العبرة في صحّة الأمر بعلم المأمور لا بعلم الآمر.
وأضعف من الجميع الاستشهاد بما اعترف به الأصحاب من حكم الشبهة الغير المحصورة ، فإنّ هذا الاعتراف منهم إنّما نشأ عن وجوه غير جارية في المقام الّذي هو من أفراد الشبهة المحصورة ، وإلّا فلو لا قيام تلك الوجوه ثمّة لمكان الحكم الّذي اعترفوا به على خلاف القاعدة ، فالفرق بين المقامين واضح للمتأمّل.
ومنها : ما احتجّ به في المنتهى (١) تبعا للخلاف ـ (٢) على ما في شرح الدروس ـ (٣) من أنّ الصلاة بالماء النجس حرام ، فالإقدام على ما لا يؤمن معه أن يكون نجسا إقدام على ما لا يؤمن معه فعل الحرام ، فيكون حراما.
ولا يخفى ضعفه ، فإنّ حرمة الصلاة بالماء النجس إن اريد بها الحرمة الذاتيّة فالمتّجه منعه ، لعدم قيام دليل عليه من الشرع بالخصوص ، وإن اريد بها الحرمة التشريعيّة فالمتّجه منع كلّيّة المقدّمة الثانية ، لأنّه لا يأتي بالماء المذكور إلّا لرجاء إصابة الماء الطاهر ، فلا يعلم اندراجه في موضوع التشريع ليكون حراما.
ومنها : ما عن المعتبر (٤) من أنّ يقين الطهارة في كلّ منهما معارض بيقين النجاسة ولا رجحان ، فيتحقّق المنع.
وعن المعالم الإيراد عليه : « بأنّ يقين الطهارة في كلّ واحد بانفراده إنّما يعارضه الشكّ في النجاسة لا اليقين » (٥).
واستجوده شارح الدروس ، وأضاف إليه : « أنّه لو تمّ المعارضة من دون رجحان فما الوجه في المصير إلى المنع ، لم لا يصار إلى أصلي البراءة والطهارة » (٦).
والظاهر أنّ المراد بيقين الطهارة في الحجّة اليقين الفعلي بالطهارة المردّدة ظاهرا ،
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٧٦.
(٢) الخلاف ١ : ١٩٧ المسألة ١٥٣.
(٣ و ٦) مشارق الشموس : ٢٨١.
(٤) المعتبر : ٢٦.
(٥) فقه المعالم ١ : ٣٧٨.