بحصول الأثر استحالة تخلّف الأثر عن مؤثّره التامّ ، ولا يقدح فيه فقدان الوصف حينئذ لأنّ فائدة اعتباره ليست إلّا الكشف عن الواقع وقد حصل بدونه من جهة التقدير.
وفيه : منع عدم دخول تغيّر الوصف في المؤثّر ، بل ظاهر الأدلّة إن لم نقل صريحها كون التغيّر مؤثّرا في الحكم داخلا في موضوعه ، ومعه لا يعقل التفكيك بينه وبين الحكم ، سلّمنا عدم ظهور ذلك ولكن ظهور خلافه من الأدلّة في حيّز المنع ، ومعه يبقى المقام مشكوكا في اندراجه تحت تلك الأدلّة ، فيبقى أدلّة الطهارة سليمة عمّا يزاحمها.
ومنها : ما عن فخر المحقّقين في الإيضاح ، من « أنّ وجه اختيار المصنّف صيرورة الماء مقهورا ؛ لأنّه كلّما لم يصر مقهورا بالنجاسة لم يتغيّر بها على تقدير المخالفة ، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا : كلّما تغيّر على تقدير المخالفة كان مقهورا ، ولا يلزم من عدم أمارة الشيء عدمه » (١).
وفيه أوّلا : كذب الأصل المستلزم لكذب العكس ـ للضابطة المقرّرة في محلّه المعتبرة في قاعدة عكس النقيض ـ إن اريد بمقهوريّة الماء مقهوريّته بحسب الذات ، بكون النجاسة الواقعة فيه أكثر منه بحسب الكمّيّة والمقدار ، لضرورة قضاء الوجدان المطابق للحسّ والعيان بأنّ النجاسة كثيرا ما تكون بحسب المقدار أقلّ من الماء بمراتب شتّى فتغيّره لو وقعت فيه ، ويكفيك في ذلك ملاحظة الدم والجيفة فإنّ صاعا من الأوّل يغيّر صياعا من الماء ، ولا سيّما عند اشتداد لونه وبلوغه في الشداد حدّ السواد ، وأنّ دجاجة من الثاني إذا أنتنت تغيّر أكرارا من الماء فضلا عن كرّ واحد أو أقلّ ، وعن جيفة الشاة أو ما هو أكبر منها في الجثّة ، ولا ندري من أنّ دعوى هذه الكلّيّة القاطعة للضرورة من أيّ شيء نشأت لمثل هذا الفاضل المشتهر بالمحقّق ، نعم لو اريد بالمقهوريّة ما هو بحسب الكيف أعني الوصف فكلّيّة الشرطيّة مسلّمة ، ولكنّ الشرط كذب وإلّا كان خارجا عن الفرض فلا نتيجة.
وثانيا : أنّ المقهوريّة إن اريد بها ما يتحقّق معها الاستهلاك فلا كلام لأحد في التنجّس هنا ، بل هو في الحقيقة خارج عن مفروض المسألة ، وإن اريد بها ما دون ذلك
__________________
(١) إيضاح الفوائد ١ : ١٦.