إزالة النجاسة المتيقّنة عن بدنه ، فإنّ تكرار الصلاة مع كلّ وضوء وإن كان ممكنا ، إلّا أنّه قد لا يمكن إزالة النجاسة للصلاة الآتية ولسائر استعمالاته المتوقّفة على طهارة يده ووجهه ، مع كون المقام من مواضع ترك الاستفصال المفيد للعموم في المقال ، ليس على ما ينبغي ، إذ لم يعلم بقاطع ولا موهن له في المقام.
فتقرّر بجميع ما ذكر : أنّ الأقوى الاقتصار على التيمّم في مورد النصّ خاصّة ، والجمع بينه وبين استعمال أحد الماءين في غيره عملا بالاحتياط.
ورابعها : ما تقدّم من الكلام إنّما هو في استعمال أحد الماءين أو كليهما للطهارة عن الحدث ، وأمّا بالقياس إلى الطهارة عن الخبث ففي جوازه بأحدهما ، أو بهما معا ، أو عدم جوازه مطلقا وجوه ، نسب أوسطهما إلى جماعة منهم العلّامة الطباطبائي رحمهالله القائل في منظومته
« وإن تواردا على رفع الحدث |
|
لم يرتفع ، وليس هكذا الخبث » (١). |
وهذا هو الأقوى عملا بالطهارة المتيقّنة المشكوك في استناد حصولها إلى الغسل بالماء الأوّل أو الغسل بالماء الثاني لكن بعد انضمام أصالة التأخّر ، لأنّها أمر حادث يشكّ في بدو زمان حدوثه ، فأصل العدم يقتضي حدوثه بالغسل الأوّل ، وليس في المقام أصل يقتضي النجاسة ، إذ لو اريد بها النجاسة السابقة على الغسلين فالأصل بالنسبة إليهما منقطع بالقطع بأنّ أحد الغسلين قد أثّر طهارة لا محالة ، ولو اريد بها ما يستند طروّها إلى ملاقاة النجس الواقعي من هذين الماءين المقطوع بتحقّقها.
ففيه : أنّ هذه الملاقاة هنا غير معلوم التأثير ، لأنّ المنجّس إنّما يفيد تنجيسا إذا ورد محلّا فارغا عن النجاسة ومن الجائز مصادفة الغسل بالماء النجس نجاسة المحلّ ، بأن يكون هو أوّل الغسلين ، ولا أثر له في إفادة التنجيس ، ومصادفته طهارة المحلّ بأن يكون هو ثاني الغسلين ، فيكون موجبا لنجاسة المحلّ ثانيا ، وقضيّة ذلك كون النجاسة الثانية مشكوكا في حدوثها رأسا ، فلا يعقل بالنسبة إليها أصل.
ولو سلّم أنّ المتنجّس قابل للتنجيس ثانيا ، فأقلّه معارضة الأصل المقتضي لتأخّر تلك النجاسة للأصل المتقدّم المقتضي لتأخّر الطهارة الحاصلة من الغسل بطاهر
__________________
(١) الدرّة النجفيّة : ٨ وفيها : « ولو تعاقبا على رفع الحدث ».