أبواب الطهارات ، غير أنّ ذلك أنسب لكون موضوع القضيّة الّذي هو العمدة من أجزائها هو الماء ، وهو المأخوذ عنوانا في جملة من الأخبار حسبما يأتي ذكرها مفصّلة.
وكيف كان فقد اختلفت كلمة أئمّة اللغة في تفسير « السؤر » بحسب اللغة اختلافا دائرا بين أقوال ، مرجعها إلى ما تكفّلها العبارة المنقولة عن كاشف اللثام من : « أنّه في اللغة : البقيّة من كلّ شيء ، أو ما يبقيه المتناول من الطعام والشراب ، أو من الماء خاصّة » (١).
ومثله ما في الرياض بزيادة « مع القلّة » عقيب قوله : « من الماء خاصّة » مفرّعا عليه : « أنّه لا يقال لما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها » (٢) ، وكأنّه غفلة عمّا ورد في بعض الروايات من أنّه « لا يشرب سؤر الكلب إلّا أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه » (٣) ، أو مبنيّ على جعله من باب الاستعمال الأعمّ ، أو على جعل الاستثناء من باب الانقطاع.
وعلى أيّ حال فأوّل الوجوه : قول نقل التصريح به عن القاموس بقوله : « البقيّة ، والفضلة » وفي معناه ما في المجمع عن الأزهري مع دعوى الاتّفاق عليه قائلا : « اتّفق أهل اللغة أنّ سائر الشيء باقية قليلا كان أو كثيرا.
وثانيها : ممّا لم نقف تحصيلا ولا نقلا على صريح من كلامهم ، نعم عن المغرب وغيره ـ على ما في المجمع ـ أنّه : « بقيّة الماء الّتي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ، ثمّ استعير لبقيّة الطعام » (٤) ولكنّه لا يلائم الوجه المذكور إلّا بحمله على إرادة ما يعمّ المعنى الحقيقي والمجازي على ما هو مقتضى العبارة المذكورة ، أو على إرادة ما يعمّ المعنى اللغوي الثابت بالوضع الأوّلي والعرفي الثابت بالوضع الثانوي ، بناء على حمل الاستعارة في العبارة المذكورة على ما استتبع النقل العرفي.
وثالثها : ما نسب إلى المعالم أنّه نقله عن الجوهري بعبارة : « البقيّة بعد الشرب » (٥) غير أنّ في شرح الدروس (٦) ما يقضي بإنكار وجدانه في الصحاح ، فلعلّه لم يجده بهذه
__________________
(١) كشف اللثام ١ : ٢٨٣.
(٢) رياض المسائل ١ : ١٨٧.
(٣) الوسائل ١ : ٢٢٦ ب ١ من أبواب الأسآر ، ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٥٠.
(٤) مجمع البحرين : مادّة (سأر).
(٥) فقه المعالم ١ : ٣٥٥ وفيه : « السؤر في اللغة ما يبقى بعد الشرب ، قاله الجوهري ».
(٦) مشارق الشموس : ٢٦٧.