بين كون المشروب من ماء أو مضاف ، فيخالفه نقل الكاشف (١) حينئذ من هذه الجهة ، وكأنّه مبنيّ على توهّم انصراف الشرب إلى ما يستلزم الماء ، كما أنّ اعتبار القلّة ـ على ما سمعته عن الرياض ـ (٢) لعلّه لأجل توهّم الانصراف ، وإلّا فقد عرفت عن الأزهري تصريحا بالتعميم بالقياس إلى القليل والكثير.
نعم ، ربّما يتبادر إلى الذهن بملاحظة الاستعمالات كون الباقي أقلّ من الذاهب وإن كان كثيرا في نفسه ، غير أنّه أيضا عند التحقيق تبادر بدوي لا عبرة به ، لعدم إباء الاستعمالات إطلاقه على الأكثر كما يظهر بأدنى تأمّل.
فمن هنا يعلم أنّ ما تقدّم من تفريع الرياض المتضمّن لنفي قول السؤر على ما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها ، ليس على ما ينبغي.
نعم ، اشتراط القلّة في المعنى المبحوث عنه هنا الوارد في كلام الأصحاب الموجود في أخبار الباب كما حكي التصريح به عن جماعة ، ليس ببعيد تعويلا على ظهور الفتاوي والأخبار في القلّة ، غير أنّ تفسيرها حينئذ بما دون الكرّيّة ـ كما في جواهر بعض مشايخنا ـ (٣) لعلّه غير مستقيم ، وكأنّه توهّم عن كون بعض الأحكام الجارية على السؤر ما لا يجري إلّا إذا كان الماء قليلا بهذا المعنى ، كالنجاسة إذا كان ذو السؤر من نجس العين ، وإلّا فلقائل أن يقول : بأنّ كلام الأصحاب مع روايات الباب لا يتناول في غير حكم النجاسة إلّا ما كانت القلّة فاحشة ، فلا يشمل البحث لكثير من أفراد ما دون الكرّ.
وربّما وقع النزاع عندهم في اختصاص البحث بالماء أو عمومه لمطلق المائع ، فعن جملة التصريح بالأوّل ، وعن ابن إدريس (٤) التصريح بالثاني ، فلعلّ وجه الأوّل ورود الروايات المشتملة على السؤر وما يرادفه في خصوص الماء كما يظهر بأدنى تأمّل ، ووجه الثاني عدم الفرق في بعض أحكامه كالطهارة والنجاسة بين سائر المائعات ، بل ربّما يستفاد من بعض الروايات ما يعمّ المائع مطلقا بل الجامد أيضا ، كما في المرويّ عن الصادق عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن أكل سؤر الفأر » (٥) ، وصحيح زرارة عنه أيضا أنّ في كتاب عليّ عليهالسلام « أنّ الهرّ سبع [و] لا بأس بسؤره ، وإنّي لأستحيي من
__________________
(١) كشف اللثام ١ : ٢٨٣.
(٢) رياض المسائل ١ : ١٨٧.
(٣) جواهر الكلام ١ : ٦٦١.
(٤) السرائر ١ : ٨٥.
(٥) الوسائل ١ : ٢٤٠ ب ٩ من أبواب الأسآر ح ٧ ـ الفقيه ٤ : ٢ / ١.