كالكلب والخنزير أو لا ، والأوّل سؤره نجس ، والثاني سؤره طاهر » ـ ثمّ قال ـ : « هذا على القول المشهور لأصحابنا » (١) انتهى.
ولقد أجاد الشهيد رحمهالله (٢) وغيره (٣) ـ على ما نقل ـ حيث أخذوا بمجامع الفتاوى والجهات المستفادة من الأخبار وكلام العلماء الأخيار ، فقالوا في تعريفه الاصطلاحي : « أنّه ماء قليل باشره جسم حيوان » (٤).
لكن يبقى المناقشة فيه من حيث كون جنسه الماء ، وقد عرفت أنّ المستفاد من الأخبار وغيرها ما يعمّ غير الماء أيضا.
وأجود منه ما تقدّم نقله عن بعضهم ، وفي معناه ما نقله في المجمع من : « أنّه ما باشره جسم حيوان » (٥) بناء على أنّ المراد بالتعريف هنا ما هو كذلك بحسب الاصطلاح ، فما في المدارك (٦) من الاعتراض على ما سمعت عن الشهيد وغيره بأنّه غير جيّد ، بعد ما ذكر أنّ الأظهر في تعريفه في هذا الباب : « أنّه ماء قليل لاقاه فم حيوان » ، ليس في محلّه ، لما عرفت من أنّ المستفاد من بعض الروايات ما يعمّ مباشرة الفم وغيره ، هذا مع وضوح فساد ما ذكره في تعليله من الوجهين.
أحدهما : أنّه مخالف لما نصّ عليه أهل اللغة ، ودلّ عليه العرف العامّ بل الخاصّ أيضا ، كما يظهر لمن تتبّع الأخبار وكلام الأصحاب.
وجه الضعف : ما عرفت من أنّ كلّا من الأخبار وكلام الأصحاب شاهد بخلاف ما ذكره.
وثانيهما : أنّ الوجه الّذي جعل لأجله السؤر قسيما للمطلق مع كونه قسما منه بحسب الحقيقة وقوع الخلاف في نجاسة بعضه من طاهر العين وكراهة بعض آخر ، وليس في كلام القائلين بذلك دلالة على اعتبار مطلق المباشرة ، بل كلامهم ودليلهم كالصريح في أنّ مرادهم بالسؤر المعنى الّذي ذكرناه خاصّة.
وجه الضعف : صراحة كلامهم في خلاف ما ذكره ، مع أنّ منشأ جعله قسيما
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٤٨.
(٢) البيان : ٤٦.
(٣) منهم الشهيد الثاني في الروضة البهيّة ١ : ٤٦.
(٤) كما في حاشية البهبهاني على مدارك الأحكام ١ : ١٩٤.
(٥) مجمع البحرين ؛ مادّة « سأر ».
(٦) مدارك الأحكام ١ : ١٢٨.