من صاحب الشريعة ، ولو ادّعاه هو أو غيره لم يكن له عليه دلالة من كتاب ولا سنّة.
نعم ، في مرسلة وشّاء عمّن ذكره عن أبي عبد الله عليهالسلام « أنّه كان يكره سؤر كلّ شيء لا يؤكل لحمه » (١) ما يوهم ذلك ، غير أنّها ـ مع ما فيها من الضعف بالإرسال ، وعدم فهم الأصحاب منها إلّا الكراهة المصطلحة الّتي هي في الجملة مسلّمة ، وتوجّه القدح إلى متنها من حيث إنّ الكراهة المأخوذة فيها لفظ الراوي دون الإمام عليهالسلام ـ من أخبار الآحاد الّتي لا عمل بها عنده ، مع معارضتها بأقوى منها سندا وأظهر دلالة وأصحّ متنا وهي صحيحة البقباق (٢) ، المعتضدة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، مضافا إلى دعواه حسبما تقدّم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن فضل الهرّة والشاة والبقرة ، والإبل والحمار والخيل ، والبغال والوحش والسباع ، فلم أترك شيئا إلّا سألته عنه؟ ، فقال : « لا بأس [به] حتّى انتهيت إلى الكلب »؟ فقال : « رجس نجس ، لا تتوضّأ بفضله ، إلى آخره » (٣).
وفي معناها حسنة معاوية بن شريح قال : سأل عذافر أبا عبد الله عليهالسلام وأنا عنده عن سؤر السنّور والشاة والبقرة ، والبعير والحمار والفرس ، والبغل والسباع ، يشرب منه أو يتوضّأ منه؟ فقال : « نعم اشرب منه وتوضّأ ». قال : قلت له : الكلب؟ قال : لا. « قلت : أليس هو سبع؟ قال : « لا والله أنّه نجس ، لا والله أنّه نجس » (٤).
وصحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام ـ في حديث ـ قال : سألته عن العظاية (٥) والحيّة ، والوزغ ، يقع في الماء فلا يموت ، أيتوضّأ منه للصلاة؟ قال : « لا بأس به » (٦).
مع أنّها لو صلحت مستندة لهذا الحكم المخالف للأصول فهي دالّة عليه على جهة العموم فما وجه تخصيصه بما خصّ به ، ولو فرضنا ، أنّه قال بنجاسة السؤر مع الاعتراف بطهارة ذيه فهو أشدّ ضعفا ، بل هو عند التحقيق ممّا لا يكاد يعقل ، سيّما مع ملاحظة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٣٢ ب ٥ من أبواب الأسآر ح ٢ ـ الكافي ٣ : ١٠ / ٧.
(٢) وهو الفضل أبو العبّاس البقباق.
(٣ و ٤) الوسائل ١ : ٢٢٦ ب ١ من أبواب الأسآر ح ٤ و ٦ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ و ٦٤٧.
(٥) العظاية : وهي دويبة معروفة ، وقيل : هو السام الأبرص (النهاية ـ لابن أثير ـ ٣ : ٢٦٠).
(٦) الوسائل ١ : ٢٣٨ ب ٩ من أبواب الأسآر ح ١ ـ التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦.