وجه الدلالة ـ على ما بيّنه في التهذيب ـ : أنّ قوله : « كلّما يؤكل لحمه يتوضّأ بسؤره ويشرب » يدلّ على أنّ ما لا يؤكل لحمه لا يجوز التوضّؤ به والشرب منه ، لأنّه إذا اشترط في استباحة سؤره أن يؤكل لحمه دلّ على أنّ ما عداه بخلافه ، ويجري هذا المجرى قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : « في سائمة الغنم زكاة » في أنّه يدلّ على أنّ المعلوفة ليس فيها زكاة (١).
قال في الاستبصار ـ بعد إيراد الرواية ـ : « وهذا خبر عامّ في جواز استعمال سؤر كلّ ما يؤكل لحمه من سائر الحيوان ، وأنّ ما لا يؤكل لحمه لا يجوز استعمال سؤره ـ إلى أن قال ـ : وما يتضمّن هذا الخبر من جواز سؤر طيور لا يؤكل لحمها مثل البازي والصقر إذا عرا منقارهما من الدم مخصوص من بين ما لا يؤكل لحمه في جواز استعمال سؤره ، وكذلك ما رواه إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ أبا جعفر عليهالسلام كان يقول : « لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الإناء أن تشرب منه وتتوضّأ منه ».
الوجه فيه : أن نخصّه من بين ما لا يؤكل لحمه من حيث لا يمكن التحرّز من الفأرة ويشقّ ذلك على الإنسان ، فعفي لأجل ذلك عن سؤره » (٢) انتهى.
وجه الضعف ـ على ما بيّنه ـ : ابتناؤه على ثبوت مفهوم الوصف ، ومن المقرّر في محلّه المنع من ذلك ، ولو سلّم ثبوته في أصل المسألة فقد يمنع ثبوته هنا بالخصوص ، كما يرشد إليه فرض السؤال ثانيا عمّا شرب منه باز أو صقر أو عقاب ، فإنّه كاشف عن عدم انفهام الانتفاء عن المسكوت عنه وإلّا لم يحتج إلى السؤال.
ولو سلّم أنّه فهم الانتفاء في الجملة ـ أي على سبيل القضيّة الجزئيّة لا القضيّة الكلّيّة ـ فلا يجدي في ثبوت الدلالة على تمام المدّعى ، إذ الجزئيّة صادقة في ضمن بعض ما لا يؤكل لحمه من الكلب والخنزير وغيره من نجس العين.
وملخّص هذا الكلام : أنّ الاستدلال لا يتمّ إلّا بإثبات مقدّمتين.
إحداهما : ثبوت اعتبار المفهوم هنا ، واخراهما : ثبوت كونه معتبرا على سبيل الكلّيّة ، على معنى ثبوت الحكم المفهومي لجميع أفراد ما لا يؤكل لحمه.
ولا ريب أنّ سؤال الراوي عقيب استماع المنطوق مع جواب الإمام عليهالسلام في مورد السؤال الّذي هو بعض أفراد المسكوت عنه على طبق المنطوق يكشفان عن عدم
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٢٤.
(٢) الاستبصار ١ : ٢٦.