النقض ـ على ما في كلام غير واحد ـ (١) بما لو تغذّى بغير العذرة من النجاسات العينيّة من دم ونحوه ، وبما لو تغذّى بالمتنجّس من العذرة ، وبما لو تغذّى بها وبغيرها من النجاسات أو غيرها على جهة الانضمام ، وبآكل الجيف محضا ، وببصاق شارب الخمر إذا لم يتغيّر به.
وإحداث القول الثالث عن مستند شرعي ـ ولو كان من الاصول المعتبر ـ ليس بباطل ما لم يثبت الإجماع على نفيه وبطلانه ، وهو غير ثابت بل الثابت خلافه ، كيف وقد عرفت نقل الشهرة هنا على الطهارة.
والمفهوم ـ مع ما فيه ممّا تقدّم ـ ظاهر في المنع الذاتي ، فلا يصرف إلى المنع العرضي إلّا بدليل وليس ، وبالجملة الاصول الموجودة في المقام ممّا لا سبيل إلى رفع اليد عنها ، وهذا هو مستند الحكم هنا.
وإن كان قد يستدلّ عليه أيضا بعموم الروايات الحاكمة بطهارة سؤر الطيور والسنّور والدوابّ والسباع ، الّتي منها : موثّقة عمّار « كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّا يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دما ، فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضّأ منه ولا تشرب » (٢) المشتملة على العموم اللغوي الّذي قيل فيه إنّه يتناول الأفراد النادرة أيضا ، فلا يقدح لو قيل بكون الجلّال من الأفراد النادرة.
ومنها : صحيحة البقباق (٣) وحسنة معاوية بن شريح (٤) المتقدّمتان.
وظنّي أنّ هذا في غير محلّه نظرا إلى أنّ النجاسة المبحوث عنها في تلك المسألة ما يكون عرضيّا ناشئا عن أمر عرضيّ للحيوان المأكول لحمه وغيره ، ولعلّ الروايات المذكورة أو أكثرها مسوقة لبيان الطهارة الذاتيّة المنافية للنجاسة الذاتيّة ، فلا تنافي النجاسة العرضيّة الناشئة عن الجلل ، والعموم اللغوي في الموثّقة لا يجدي إلّا في تعميم الحكم الأوّل بالقياس إلى جميع أنواع الطيور ، فيبقى الحكم الثاني مسكوتا عنه ، ولا يمكن إثباته بتوهّم [كونه] بالقياس إلى الأحوال ، بعد ملاحظة عدم كونه مسوقا لبيان ما
__________________
(١) كما في المعتبر : ٢٤.
(٢) الوسائل ١ : ٢٣٠ ب ٤ من أبواب الأسآر ح ٢ ـ الكافي ٣ : ٩ / ٥.
(٣ و ٤) الوسائل ١ : ٢٢٦ ب ١ من أبواب الأسآر ح ٤ و ٦.