الحيوان مأكول اللحم فصار جلّالا أو غير مأكول اللحم من الطيور أو غيرها ، والقول بالمنع عن هذا السؤر مع طهارة ذيه كما عرفته عن المرتضى (١) كالقول بنجاسته كما عرفت نقله عن القاضي (٢) ـ فيما حكي عن كاشف اللثام ـ (٣) كالمحكيّ عن الإصباح (٤) من نجاسة سؤر جلّال الطيور ، ممّا لا يعرف له وجه ، كما اعترف به غير واحد وحكي أيضا عن جمع.
وربّما نقل الاستدلال عليه : بأنّ رطوبة أفواهها تنشأ من غذاء نجس فيجب الحكم بالنجاسة.
وقد يحتمل الاستدلال عليه أيضا بما دلّ من الأخبار على نجاسة عرق الجلّالة ، كخبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله قال : « لا تأكلوا لحوم الجلّالات ، فإن أصابك من عرقها فاغسل » (٥) بناء على ما في حاشية الوسائل من مصنّفه (٦) ـ على ما حكي ـ « من أنّهم أجمعوا على تساوي حكم العرق والسؤر هنا ، بل في جميع الأفراد ، والفرق إحداث قول ثالث ».
وبملاحظة ما ذكر في الخبر من المنع عن أكل لحوم الجلّالات أمكن الاستدلال عليه أيضا بأخبار ما لا يؤكل لحمه ـ ولو من جهة المفهوم ـ كما علم من طريقة الشيخ في غير مأكول اللحم (٧) ، بناء على أنّ المراد في مورد المفهوم المذكور ما يعمّ المنع العرضي.
وفي جميع هذه الوجوه ما لا يخفى من الضعف والاعتساف المخرج عن الإنصاف ، فإنّ الاستحالة المغيّرة للعنوان رافعة لحكم النجاسة كما في غير المقام ، مع ما فيه من
__________________
(١) حكاه عنه المحقّق رحمهالله في المعتبر : ٢٤.
(٢) المهذّب ١ : ٢٥.
(٣) كشف اللثام ١ : ٢٨٥.
(٤) إصباح الشيعة : ٥.
(٥) الوسائل ١ : ٢٣٣ ب ٦ من أبواب الأسآر ح ١ ـ الكافي ٦ : ٢٥٠ / ١.
(٦) هكذا في هامش الوسائل ١ : ٢٣٣ عن مصنّفه : « استدلّ علماؤنا على كراهة سؤر الجلّال بحديث هشام وأحاديث ما لا يؤكل لحمه ، ودلالة الثاني ظاهرة واضحة ودلالة الأوّل مبنيّة على أنّهم أجمعوا على تساوي حكم العرق والسؤر هنا ، بل في جميع الأفراد ، والفرق إحداث قول ثالث ، وأيضا فإنّ بدن الحيوان لا يخلو أبدا من العرق إمّا رطبا وإمّا جافّا ، فيتّصل السؤر به ، فحكمه حكمه ، وعلى كلّ حال فضعف الدلالة منجبر بأحاديث ما لا يؤكل لحمه » انتهى.
(٧) التهذيب ١ : ٢٢٤ ذيل الحديث ٦٤٢ ، حيث قال : « قوله : « كلّ ما اكل لحمه يتوضّأ بسؤره ويشرب » يدلّ على أنّ كلّ ما لا يؤكل لحمه لا يجوز التوضّؤ به والشرب منه الخ ».