والروض (١) أيضا ، وفي المدارك : « القول بكراهة سؤر الحيّة للشيخ في النهاية وأتباعه » (٢) ، لكنّ المنقول من عبارته في النهاية لعلّه ليس صريحا في إرادة الكراهة بالمعنى المصطلح عليه ، فإنّه قال : « إذا وقعت الفأرة والحيّة في الآنية ، أو شربتا منها ، ثمّ خرجتا [حيّا] لم يكن به بأس ، والأفضل ترك استعماله على كلّ حال » (٣).
فإنّ التعبير بأفضليّة الاجتناب يقتضي إرادة المرجوحيّة بالإضافة إلى الغير ، لا المرجوحيّة الذاتيّة على حدّ ما يراد من الكراهة حيثما تضاف إلى العبارات على بعض الوجوه المذكورة فيها ، ولك أن تأخذ قوله أوّلا : « لم يكن به بأس » مؤيّدا له ، بناء على بعض الوجوه المتقدّمة من ظهوره لكونه نكرة في سياق النفي في نفي جميع أفراد البأس الّتي منها الكراهة المصطلحة.
وكيف كان. فعن ظاهر المعتبر (٤) والمنتهى (٥) إنكار الكراهة هنا ، بل هو صريح المدارك (٦) قائلا : والأظهر انتفاء الكراهة كما اختاره في المعتبر ، لصحيحة عليّ ابن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : سألته عن الغطاية ، والحيّة ، والوزغ تقع في الماء فلا تموت؟ أيتوضّأ للصلاة؟ فقال : « لا بأس به » (٧).
وأنت بملاحظة ما مرّ مرارا تقدر على دفع هذا الاستدلال.
نعم ، العمدة في المقام ملاحظة ما يكون مستندا للقول بالكراهة الّذي صار إليه من الأساطين من عرفتهم ، فإنّه مشهور جدّا ، حتّى أنّه في شرح الدروس : « إنّي لم أجد نقل خلاف في الحيّة » (٨) فلك أن تعتمد على ما تقدّم من عموم مرسلة وشّاء (٩) ، بناء على أنّ الحكم ممّا يتسامح فيه ، وعلى خبر أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن حيّة دخلت حبّا فيه ماء ، وخرجت منه؟ قال : « إن وجد ماء غيره فليهرقه » (١٠) بناء على حمل الأمر بالإهراق على إرادة الندب ، لعدم قائل فيه بالوجوب ، أو على كونه مبالغة
__________________
(١) روض الجنان : ١٦٢.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٣٧.
(٣) النهاية ١ : ٢٠٦. (٤) المعتبر : ٢٥.
(٥) منتهى المطلب ١ : ١٦٣.
(٦) مدارك الأحكام ١ : ١٣٧.
(٧) الوسائل ١ : ٢٣٨ ب ٩ من أبواب الأسآر ح ١.
(٨) مشارق الشموس : ٢٧٧.
(٩) الوسائل ١ : ٢٣٢ ب ٥ من أبواب الأسآر ح ٢.
(١٠) الوسائل ١ : ٢٣٩ ب ٩ من أبواب الأسآر ح ٣ ـ التهذيب ١ : ٤١٣ / ١٣٠٢.