المحقّق (١) أنّه الظاهر من كلام المرتضى في بعض كتبه ، وهو صريح الدروس (٢) ، ومختار المدارك على ظاهر كلامه ، بل فيه : « هو المشهور بين الأصحاب » (٣) ، وعليه الشرائع أيضا ، لكن عبّر فيه بالموت فقال : « ويكره ما مات فيه الوزغ والعقرب » (٤) ولعلّ الحكم يتعدّى إلى ما عدا صورة الموت من باب الفحوى.
وفيه : أنّه يستقيم إذا كان منظور العبارة نفي النجاسة خاصّة ردّا على من توهّمها ، وأمّا إذا اريد بها إفادة الكراهة مع ذلك فلا يحصل تمام المقصود ، إذ لا ملازمة بين الكراهة بالموت فيه والكراهة بالوقوع فيه ، فضلا عن الفحوى ، بل الفحوى إنّما تحصل لو عبّر بالوقوع أو مطلق الملاقاة.
فالعبارة المذكورة لا تخلو عن قصور ، وكأنّه في هذا التعبير أخذ بمفهوم الدليل المقام على كراهة هذا السؤر الثابت في المقام من حيث الفحوى كما عرفت.
وكيف كان فعن التذكرة : « أنّ الكراهة هنا من حيث الطبّ لا لنجاسة الماء » (٥) واستحسنه المدارك (٦).
والمخالفة هنا بالمصير إلى النجاسة لم يثبت إلّا عن المقنعة وموضع من النهاية والمبسوط ، وعبارة المقنعة ـ على ما حكي ـ أنّه بعد ذكر الكلب والخنزير قال : « وكذلك الحكم في الفأرة والوزغة يرشّ الموضع الّذي مسّاه بالماء من الثوب إذا لم يؤثّرا فيه ، وإن رطّباه وأثّرا فيه غسل بالماء ، وكذلك إن مسّ واحد ممّا ذكرناه جسد الإنسان ، أو وقعت يده عليه وكان رطبا غسل ما أصابه منه ، وإن كان يابسا مسحه بالتراب » (٧).
وأمّا عبارة النهاية فقد سمعتها في مسألة سؤر الفأرة (٨) ، وأمّا عبارة المبسوط
__________________
(١) المعتبر : ١١٨ ، حيث قال : « فقال علم الهدى : لا بأس بأسآر جميع حشرات الأرض وسباع ذرات الأربع الّا أن يكون كلبا أو خنزيرا ، وهذا يدلّ على طهارة ما عدا هذين ويدخل فيه الثعلب والأرنب والفأرة والوزغة »
(٢) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٣.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ١٣٨.
(٤) شرائع الإسلام ١ : ١٦.
(٥) التذكرة ١ : ٤٤ وفيه : « والوجه الكراهة من حيث الطبّ » وقريب منه ما في منتهى المطلب ١ : ١٦٩.
(٦) مدارك الأحكام ١ : ١٣٨.
(٧) المقنعة : ٧١.
(٨) النهاية ١ : ٢٦٧ حيث قال : « وإذا أصاب ثوب الإنسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة أو وزغة وكان رطبا وجب غسل الموضع الّذي أصابه ... الخ ».