منع كون الموجب للنجاسة في الصورة المفروضة مجرّد وقوع ما يصلح للتغيير ، بل هو مع التأثير فيه في الجملة ولو بعنوان الجزئيّة ، ولا ريب أنّ هذا المعنى ليس بموجود في مفروض المسألة وإلّا ارتفع النزاع بالمرّة.
ورابعها : أنّه لو فرض وقوع نجاسة مغيّرة إلى صفة ، ثمّ وقوع نجاسة مغيّرة عنها إلى اخرى فالماء نجس يقينا ، ولا وجه لمنع كون التغيّر الثاني غير مندرج في التغيّر المعتبر الواجب إزالته في التطهير ، والمفروض أنّ النجاسة الثانية لم تغيّر صفة الماء المذكور في النصّ والفتوى ، ولذا لا يكفي إعادة الصفة لو فرض إمكانها ، فتعيّن اعتبار الصفة الذاتيّة للماء وتقدير وقوع النجاسة حال وجودها إن وردت حال زوالها ، وجعل توارد المغيّر بمنزلة توارد الناقض ، فإذا توارد طاهر ونجس أثّر النجس أثره وهو المطلوب.
وفيه : ما لا يخفى من الخلط بين المسألتين ، واشتباه موضوع إحداهما بموضوع الاخرى ، فإنّ وجوب التطهير حكم آخر غير ما نحن بصدده ، وموضوعه إنّما هو وجود أثر النجاسة في الماء من غير فرق بين كونه هو الرافع لصفة الماء أو رافعا الرافع صفته ، ولا بين كونه هو الموجب لتنجّس الماء أو أنّ الموجب غيره ، وهو وارد عليه على سبيل التعاقب مصادف محلّا غير قابل للتنجّس ثانيا ـ بناء على أنّ النجس لا ينجّس ثانيا ـ فلا يلزم من كون إزالة الصفة الثانية معتبرة في التطهير كونها هي المغيّرة لصفة الماء ، ولا كونها هي المقتضية لتنجّسه ، بل اعتبار إزالتها إنّما هو من جهة أنّ عدمها مأخوذ في التطهير ، ووجودها مانع عن حصول أثره وهو الطهارة.
وإن شئت : فلاحظ نظائر الفرض ، فإنّها كثيرة جدّا.
منها : ما لو أحدث المتطهّر ونقض طهارته بحدث كالبول مثلا ، ثمّ صيّر نفسه سكران بشرب الخمر ونحوه ، فإنّه حينئذ لو أخذ بالوضوء وهو سكران لا ينفعه ذلك ولو كرّره بألف مرّة ، بل يعتبر في حصول الطهارة حينئذ زوال حالة السكر عنه جزما ، وليس ذلك إلّا من جهة أنّ وجود السكر كما أنّه رافع للطهارة فيما لو لم يسبقه رافع آخر ، فكذلك مانع عن حصولها.
والوجه في ذلك : أنّ ما اعتبر كونه ناقضا للطهارة الحدثيّة بل الخبثيّة أيضا ليس إلّا من جهة أنّه في حدّ ذاته معاند لها.