الماء على الوصف القويّ ، إذ لا معنى لتقديره حينئذ بما دونه » (١) ، وعن بعضهم (٢) أنّه استشكله بما إذا لم يكن خارجا عن أوصافه الأصليّة ، واستظهر في الجواهر من الباقين عدمه ، واختاره قائلا : « وهو أولى سيّما إذا كان الماء على صفة معلومة ، إذ لا معنى لفرض عدمها لعدم المانع في اختلاف المياه في الانفعال وإن كانت فردا نادرا ».
ثمّ قال : « ولعلّه من ذلك ينقدح الفرق في الماء الموافق للنجاسة في الصفة بين الصفة الأصليّة والعارضيّة ، فيقدّر في الثانية دون الاولى. فتأمّل » (٣).
الثالث : على المختار من عدم اعتبار التقدير إن بلغ النجاسة حدّا استهلك معه الماء فلا إشكال في النجاسة ، وإن لم يستهلك فإن لم يسلبه معه إطلاق الاسم فلا إشكال في الطهارة للأصل والاستصحاب ، وإن سلبه معه الإطلاق ولم يدخل تحت الاسم فعدم كونه مطهّرا ممّا لا إشكال فيه ؛ لانتفاء المائيّة حينئذ ، وفي كونه طاهرا وجه رجّحه في الرياض (٤) استنادا إلى الأصل السالم عن المعارض ، لتعارض الاستصحابين من الجانبين ، وكأنّ مراده بالأصل أصالة الإباحة المقتضية لجواز الاستعمال فيما لا يجوز فيه استعمال النجس من أكل أو شرب أو نحوه ، وبالاستصحابين استصحاب طهارة الماء واستصحاب نجاسة الخليط ، وقد يقرّر الأصل بأصالة الطهارة والاستصحابين بأصالة عدم ذهاب الإطلاق مع أصالة عدم ذهاب اسم الخليط ، فإنّ كلّا من الذهابين أمر حادث ، والأصل يقتضي تأخّر كلّ منهما عن الآخر ، فيبقى أصل الطهارة سليما ، إلّا إذا كان المغيّر للماء من الأجسام الّتي علم بقاؤها بعد زوال الإطلاقيّة ، فإنّ المتّجه حينئذ الحكم بالنجاسة.
الرابع : هل المعتبر في صفات الماء الّتي يغيّرها النجاسة الصفات الأصليّة؟ فلو غيّرت ما كان وصفا عارضا له حتّى عاد إلى وصفه الأصلي أو وصف ثالث لم ينجّس؟ أو لا عبرة بأصليّة الصفات فينجّس الماء بالتغيّر مطلقا؟ احتمالان : أقواهما الأوّل ؛ لظهور الإضافة الواردة في الأخبار في الاختصاص ، بل ظهور ألفاظ الصفات الواردة
__________________
(١) فقه المعالم ١ : ١٤٨.
(٢) حكاه في الحدائق الناضرة ١ : ١٨٥.
(٣) جواهر الكلام ١ : ٢٠٢.
(٤) رياض المسائل ١ : ١٣.