ذلك عن أخبار الباب لا يجدي نفعا في مطلوبه ، بعد ملاحظة ما استظهرناه منها من كون العبرة في حكم نجاسة الماء بتأثّره فعلا عن النجاسة المفقود في موضع البحث.
ولنختم المقام بإيراد فروع :
الأوّل : بناء على وجوب التقدير ، إن علم في الوصف المسلوب عن النجاسة بحالته الخاصّة الّتي سلب على تلك الحالة من الأشدّيّة والأضعفيّة وما يتوسّط بينهما تعيّن تقديره على تلك الحالة ، فيرتّب عليه الحكم كائنا ما كان ، وإلّا ففي وجوب اعتبار الأشدّ رعاية لجانب الاحتياط أو الأوسط أخذا بالغالب ، أو الأضعف ترجيحا لجانب الأصل المقتضي للطهارة وجوه :
أوّلها : ما نسب إلى ظاهر العلّامة والشهيد في نهاية الإحكام (١) والذكرى (٢).
وثانيها : ما استظهره في الحدائق (٣) وجامع المقاصد (٤) على ما في عبارة محكيّة عنه ، وحكي عن بعض المتأخّرين أيضا.
وثالثها : ما حكي (٥) احتماله عن بعض متأخّري المتأخّرين ، ويظهر الفائدة في قلّة ما يقدّر له الوصف من النجاسة وكثرته.
ولا يبعد ترجيح الأخير عملا بالاصول ـ اجتهاديّة وفقاهيّة ـ السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، نظرا إلى أنّ الاحتياط ليس في محلّه ، وأنّ الغلبة لا عبرة بها هنا لكونها ظنّا في الموضوع الصرف.
الثاني : عن المحقّق الثاني : « وهل يعتبر أوصاف الماء وسطا؟ نظرا إلى شدّة اختلافها كالعذوبة والملوحة ، والرقّة والغلظة ، والصفاء والكدورة فيه احتمال ولا يبعد اعتبارها ؛ لأنّ له أثرا بيّنا في قبول التغيّر وعدمه » (٦).
وعن المعالم ـ أنّه بعد ما نقل ما ذكره المحقّق المذكور ـ احتماله « حيث لا يكون
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٢٩ حيث قال : « ويعتبر ما هو الأحوط الخ » حكاه أيضا عنه في الحدائق الناضرة ١ : ١٥٨.
(٢) ذكرى الشيعة ١ : ٧٦.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ١٨٥.
(٤ و ٦) جامع المقاصد ١ : ١١٥.
(٥) حكاه في الحدائق الناضرة ١ : ١٨٥.