.................................................................................................
______________________________________________________
واستدلّ للقول الثاني بروايات ثلاث :
الأُولى : صحيحة منصور بن حازم قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) اهدي لنا طير مذبوح بمكّة فأكله أهلنا ، فقال : لا يرى به أهل مكّة بأساً ، قلت : فأيّ شيء تقول أنت؟ قال : عليهم ثمنه» (١).
ولكنّها أجنبية عن المسألة رأساً ، لأنّها واردة في أهل مكّة ، والظاهر أنّهم مُحلّين وكلامنا في المحرم ، ولو كانت مطلقة من هذه الجهة تحمل على المحِلّ بقرينة سائر الروايات.
الثانية : صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «إذا اجتمع قوم على صيد وهم محرمون في صيده أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمته» (٢).
الثالثة : صحيحة أُخرى لمعاوية بن عمار في حديث قال : «وأيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فان على كل إنسان منهم قيمته ، فان اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك» (٣).
ولا يتم الاستدلال بهما ، لأنّهما دلّتا على أن كفّارة القتل وكفّارة الأكل هي القيمة وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به ، إذ لا إشكال في أن كفّارة القتل ليست هي القيمة قطعاً بل هي أُمور معيّنة مذكورة في النصوص كالبدنة فإنّها كفّارة لقتل النعامة والشاة كفّارة لقتل الظبي والبقرة لقتل بقر الوحش ، واحتمال أنّ الاشتراك في قتل الصيد يوجب كون الكفّارة هي القيمة ، ينافي الروايات الكثيرة الدالّة على أنّ الاشتراك في حكم الاستقلال ، وأنّه يجب على كل واحد من المشتركين ما يجب عليه عند الاستقلال.
مضافاً إلى أنّ التسالم بين الأصحاب على ثبوت الكفّارات الخاصّة على كل واحد منهم في مورد الاشتراك كما هي الثابت في مورد الاستقلال.
وبالجملة : لا يمكن الالتزام بمضمون الصحيحتين ، فلا بدّ من حملهما على أنّ المراد
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٢٥ / أبواب كفارات الصيد ب ١٠ ح ٢.
(٢) الوسائل ١٣ : ٤٤ / أبواب كفارات الصيد ب ١٨ ح ١.
(٣) الوسائل ١٣ : ٤٤ / أبواب كفارات الصيد ب ١٨ ح ٣.