تستكمل بالأفعال الإراديّة على ما يناسب كمال وجوده ، فلا خُلْقَ في المفارقات ، إذ لا عقل عمليّاً ولا استكمال إراديّاً فيها.
وثانياً : أنّ كلاّ من هذه الأخلاق التي هي من الكيفيّات النفسانيّة بما أنّها ملكةٌ راسخةٌ تُقابِلها حالٌ من تلك الكيفيّة كالشهوة والغضب والخوف والفزع والحزْن والهمّ والخجل والفرح والسرور والغمّ وغير ذلك. والبحث عن أسبابها الطبيعيّة في الطب ، وعن إصلاحها وتدبيرها بحيث يلائم السعادة الإنسانيّة في صناعة الأخلاق.
ومن الكيفيّات النفسانيّة اللذّةُ والألَم ، واللذّة على ما عرّفوها (١) إدراك
__________________
(١) هكذا عرّفها الشيخ الرئيس في الفصل السابع من المقالة الثامنة من إلهيّات الشفاء ، والنجاة ص ٢٤٥. وتبعه المشهور من المحقّقين. ولكن الشيخ عدل منه في الإشارات ، فقال : «إنّ اللذّه هي إدراكٌ ونيلٌ لوصول ما هو عند المدرك كمالٌ وخيرٌ من حيث كذلك. والألم هو إدراك ونيلٌ لوصول ما هو عند المدرك آفةٌ وشرٌّ». وقال المحقّق الطوسيّ : «وهذا أقرب إلى التحصيل من قولهم : (اللذّة إدراك الملايم ، والألم إدراك المنافي). ولذلك عدل الشيخ منه إلى ما ذكره في هذا الموضع». راجع شرح الإشارات ج ٣ ص ٣٣٧ ـ ٣٣٩. وقال التفتازانيّ في شرح المقاصد ج ١ ص ٢٤٤ : «وتصوّرهما بديهيٌّ كسائر الوجدانيات. وقد يفسّران قصداً إلى تعيين المسمّى». وتبعه القوشجيّ في شرحه للتجريد ص ٢٧٧ ، والمحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام ص ٤٤٣.
وفي المقام قولٌ آخر منسوبٌ إلى محمّد بن زكريا الرازيّ الطبيب ، وهو أنّ اللذّة عبارة عن الخروج عن الحالة الغير الطبيعيّة ، والألم عبارة عن الخروج عن الحالة الطبيعيّة. راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٣٨٧ ، والأسفار ج ٤ ص ١١٧ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٢٤٤. وتعرّض لهذا القول المحقّق الطوسي ـ كما في كشف المراد ص ٢٥١ ـ ، حيث قال : «وليست اللذّة خروجاً عن الحالة الغير الطبيعيّة» ، إنتهى كلامه على ما في بعض نسخ التجريد. والموجود في بعض آخر منها بهذه العبارة : «وليست اللذّة خروجاً عن الحالة الطبيعيّة». ولمّا كان هذا الكلام ردّاً على الرازيّ فيستفاد منها انّه قال : «اللذّة عبارة عن الخروج عن الحالة الطبيعيّة والألم عبارة عن الخروج عن الحالة الغير الطبيعيّة» ، ولذا نَسَب شيخنا العلاّمة حسن زاده الآملي العبارة الاُولى الى التحريف ، وأمّا المحقّق اللاهيجيّ والشارح القوشجيّ نَسَبا العبارة الثانية الى سهو من القلم. راجع كلامهم في كشف المراد ص ٢٥١ و ٥٧٣ ، وشوارق الإلهام ص ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، وشرح التجريد القوشجيّ ص ٢٧٨.