الفعل المترتّبة عليه فإنّما هي غاية مرادة بالتّبع.
وثانياً : أنّ الغاية كمالٌ للفاعل دائماً ، فإن كان الفاعل متعلّقاً بالمادّة نوعاً من التعلّق كان مستكملا بالغاية التي هي ذاته الفاعلة بما أنّها فاعلة ، وإن كان مجرّداً عن المادّة مطلقاً كانت الغاية عين ذاته التي هي كمال ذاته من غير أن يكون كمالا بعد النقص وفعليّةً بعد القوّة.
ومن هنا يتبيّن أنّ قولهم (١) : «إنّ كلّ فاعل له في فعله غايةٌ فإنّه يستكمل بغايته وينتفع به» ، لا يخلو من مسامحة ، فإنّه غير مطّرد إلاّ في الفواعل المتعلّقة بالمّادة نوعَ تعلّق.
تنبيهٌ : ذهب قوم من المتكلّمين (٢) إلى أنّ الواجب (تعالى) لا غاية له في أفعاله ، لغِناه بالذات عن غيره ، وهو معنى قولهم : «إنّ أفعال الله لا تعلّل بالأغراض» (٣).
وذهب آخرون منهم (٤) إلى أنّ له (تعالى) في أفعاله غايات ومصالح عائدة إلى غيره وينتفع بها خلْقُه.
ويردّ الأوّل ما تقدّم (٥) أنّ فعل الفاعل لا يخلو من أن يكون خيراً مطلوباً له بالذات أو منتهياً إلى خير مطلوب بالذات ، وليس من لوازم وجود الغاية حاجةُ الفاعل إليها ، لجواز كونها عين الفاعل ـ كما تقدّم (٦) ـ.
__________________
(١) راجع الأسفار ج ٢ ص ٢٧٩ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣.
(٢) وهم الأشاعرة على ما نُقل في كشف المراد ص ٣٠٦ ، ومفتاح الباب ص ١٦٠ ـ ١٦١ ، والنافع يوم الحشر ص ٢٩ ، وشرح المواقف ص ٥٣٨ ، وشرح المقاصد ج ٢ ص ١٥٦. وذهب إليه الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣ ، والمحصّل (تلخيص المحصّل) ص ٣٤٣. وذهب إليه أيضاً بعض الفلاسفة كالشيخ الإشراقي في المطارحات ص ٤٢٧.
(٣) راجع شرح المواقف ص ٥٣٨ ، وشرح المقاصد ج ٢ ص ١٥٦.
(٤) أي من المتكلّمين ، وهم المعتزلة. وتبعهم المحقّق الطوسيّ والعلاّمة الحلّيّ والفاضل المقداد. راجع كشف المراد ص ٣٠٦ ، والنافع يوم الحشر ص ٢٩.
(٥ و ٦) في ابتداء هذا الفصل.