(مستوليا) أي بالغا الغاية في الإحاطة بالمقصود.
(على أبوابه وفصوله) الأبواب : المداخل لغة ، والمراد بها هنا ما تضمنه من أحكام المسائل.
والفصل : هو الحاجز بين شيئين لاختلافهما بوجه ما. وأصله لغة : القطع ، كأنه يفصل ما بعده عما قبله أي يقطعه. والمراد به هنا ما تضمنه من أحكام تفرد عن غيرها لاختلاف ما ، ولو اقتصر على الأبواب لشملت الأحكام أجمع ، فيكون عطف الفصول على الأبواب لهذا الاعتبار من عطف الخاص على العام.
وفي قوله : مستوفيا ، ومستوليا ، وكذا في أصوله ، وفصوله ـ الجناس اللاحق لاتفاق الكلمتين في عدد الحروف والهيئات والترتيب واختلافهما في حرف واحد وليس بين المختلفين تقارب في المخرج (١) إلا أن الاختلاف بين : مستوفيا ، ومستوليا في حرف أوسط ، فهو نظير قوله تعالى : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ)(٢) وبين : أصوله وفصوله ، في حرف أول : فهو نظير قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(٣).
وفي : أصوله وفصوله أيضا ، السجع المتوازي لتواطؤ الفاصلتين على حرف واحد مع اتفاقهما في الوزن فهو نظير قوله تعالى : (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ [١ / ٦] (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ)(٤).
(فسمّيته لذلك) أي لما اتصف الكتاب بهذه الصفة استحق أن يسمى هذه التسمية فالتسمية بهذا الاسم مسببة عن الاتصاف بهذا الوصف (٥) ، ولذلك أتى
__________________
(١) فإذا كان بينهما تقارب في المخرج كقوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) [الأنعام : ٢٦] فإنه يسمى الجناس المضارع وسيذكره. وإن اتفقت الكلمتان في كل شيء سمي الجناس التام ، وهو إما مماثل إن اتفقا في النوع كاسمين ، وإما مستو إن كانا في نوعين.
(٢) سورة غافر : ٧٥.
(٣) سورة الهمزة : ١. والجميع يطلق عليه جناس لاحق.
(٤) سورة الغاشية : ١٣ ، ١٤. وإن اختلفت الفاصلتان في الوزن سمي السجع المطرف كقوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) [نوح : ١٣ ، ١٤].
(٥) كلمات : بهذا الوصف : ساقطة من الأصل وهو تحريف.