______________________________________________________
وإذا ثبت هذا فقد يقال : الآن يكون كذا وكذا بقصد التعبير بالآن عن المدة التي يقع الكون في بعضها أو بقصد المبالغة في القرب إلا أنّ هذا خلاف الظاهر» (١) انتهى.
والجواب : أن الآن حقيقة في الزمان الحاضر ؛ فإذا صحب الفعل المستقبل كان ذلك قرينة صارفة له عن إرادة الحال ويكون استعماله في المستقبل مجازا بالقرينة ؛ فالتجوز حينئذ في الظرف. وإذا لم يكن الفعل مستقبلا ولا ماضيا كان على حقيقته ؛ إذ لا قرينة تصرفه فيتعين أن يكون الفعل معه للحال كما ذهب إليه الأكثر.
ويؤيد هذا قول الأبذي :
«ويعني بالآن المستعملة على حقيقتها ؛ لأنّها إن تجوّز فيها واستعملت تقريبا صلحت مع الماضي والمستقبل ، نحو قوله تعالى : (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ)(٢) ، (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ)(٣) ، ونحو قوله تعالى : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ،)(٤)(فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ)(٥).
لأن فعل الشرط مستقبل. وقال الشاعر :
٢٠ ـ فإنّي غير خاذلكم ولكن |
|
سأسعى الآن إذ بلغت إناها (٦) |
وقول المصنف : «إلا أنّ هذا خلاف الظّاهر» يحتمل أن يرجع إلى قوله : «أو بقصد المبالغة في القرب» وهو الأقرب. ويحتمل أن يرجع إلى ما ذكره بأثره فيكون مختارا لقول الأكثر في هذه الصورة.
ومن القرائن : لام الابتداء : نحو إني لأحبك.
قال المصنف : «هي مخلصة للحال عند أكثرهم وليس كما ظنّوا ؛ بل جائز أن يراد الاستقبال بالمقرون بها ، كقوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٧) ، ـ
__________________
(١) انظر : شرح التسهيل (١ / ٢٢) مع حذف يسير.
(٢) سورة البقرة : ٧١.
(٣) سورة يوسف : ٥١.
(٤) سورة البقرة : ١٨٧.
(٥) سورة الجن : ٩.
(٦) البيت من بحر الوافر لعنترة بن شداد ، سبق الحديث عنه في الشاهد رقم (١٢) ، وقد استشهد به هنا مرة أخرى على أن لفظ الآن لم يقصد به الحال ؛ وإنما تجوز فيه واستعمل في المستقبل.
(٧) سورة النحل : ١٢٤.